تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب) في النذر بالصوم

صفحة 399 - الجزء 2

  وهو مجنون لم يكن قد أكل فيه شيئًا فإنه متى أفاق يلزمه قضاؤه؛ لصحة الإنشاء منه في ذلك اليوم لولا الجنون، أو حصل الشرط في أيام العيدين أو أيام التشريق. أما لو قدم زيد - وهو شرط النذر - وقد نوى صيامه تطوعاً فإنه يجب عليه أن يحرف النية عن النذر؛ لتعينه للواجب - أعني: ذلك اليوم - لحصول شرط النذر، فإن لم يحرف النية وجب عليه قضاء النذر؛ لصحة الإنشاء منه فيه، ولا يجزئه عن النفل؛ لتعينه لغيره، ومثله لو قد نواه عن قضاء أو نذر غير معين أو كفارة، فتأمل، والله أعلم.

  وحاصله: أن من نذر بصوم يوم يقدم زيد فقدم فإن كان قدومه في يوم قد أكل فيه الناذر أو ليلاً أو المرأة حائض أو نفاس لم يلزم الصوم ولا القضاء، ولا كفارة؛ لعدم صحة الإنشاء، وإن قدم في غير هذه الحالات: فحيث يكون قد صام ذلك اليوم عن رمضان أو نذر معين أتمه عما قد شرعه له ولزمه قضاء الآخر، وهو المشروط بقدوم زيد، وإن كان قد نواه عن نفل أوْ لا عن شيء أو نذر غير معين أو عن قضاء أو عن كفارة لزمه أن ينويه عن ذلك النذر، فإن لم وجب القضاء، ولو قدم في أيام التشريق والعيدين أو الناذر مجنون فيلزم القضاء، والله أعلم.

  مَسْألَة: ومن نذر بصوم يوم معين أو شهر معين ومات قبل يصله فلا شيء عليه، ولا الكفارة أيضاً، وكذا حيث يكون النذر في الذمة ومات قبل مضي شيء منه، وإن مات بعد مضيه أو بعضه لزمه الإيصاء بكفارة صوم عن الفائت مما قد أدركه من ذلك النذر المطلق، وذلك بعد التمكن من ذلك أو بعضه، وإلا فلا شيء لو⁣(⁣١) قد مضى أو بعضه وهو غير متمكن؛ إذ ذلك شرط، والله أعلم.

  مَسْألَة: (وما) كان يصح منه فيه الإنشاء من الأيام و (تعين) صومه (لسببين) كقدوم زيد وقدوم عمرو، أو وشفي المريض أو نحوهما وحصلا جميعاً في يوم واحد (فعن) السبب (الأول) يجب صومه، والمراد الأول في الحصول لا في اللفظ بالنذر، فما حصل منهما أولاً صام ذلك اليوم عنه وإن كان متأخرًا شرط النذر به، وسواء أتى


(١) في المخطوط: ولو.