(باب) في النذر بالصوم
  فَرْعٌ: فإن لم ينوِ التتابع في نذره ولا لفظ به لم يجب عليه أن يصومه متتابعاً، بل يصح ولو مفرقاً ولو من دون عذر، وسواء كان المنذور به سنة أو شهرًا أو أسبوعاً أو أيامًا، كعشر أو نحوها.
  فَرْعٌ: وحيث لم ينوِ التتابع ولا لفظ به ولا هو مما يجب فيه التتابع لكنه أوجب على نفسه التتابع وجعله نذرًا ثانيًا، كأن ينذر بعشرة أيام ثم يقول بعد ذلك: متتابعة فإنه لا يصح النذر بذلك ولا يجب عليه التتابع؛ لأن التتابع صفة للصوم، ولا يصح النذر بها وحدها. وهكذا فيمن أوجب على نفسه التتابع في قضاء شهر رمضان فإنه لا يلزمه؛ لذلك، أو أوجب المسافر على نفسه صيام رمضان الذي هو فيه فإنه لا يصح؛ لأنه بصفة متعلقة بواجب الصوم، فلا يلزمه لأجل النذر الصوم في حال السفر، بل هو رخصة على أصله، أو أوجب على نفسه أن تكون الرقبة المكفر بها مؤمنة سليمة في كفارة الظهار واليمين فإنه أيضاً لا يلزمه، لا كفارة القتل فهو واجب بالنص، فتأمل، والله أعلم.
  مَسْألَة: من نذر صيام شهرين في الذمة صامها كيف شاء مفرقة أو متتابعة، وكذا بين الشهرين(١).
  مَسْألَة: من أوجب صوم شهر في الذمة فإن صام من أول شهر إلى آخره أجزأه وإن كان ناقصاً، وإن صامه من بعض شهر أو فرقه أكمل ثلاثين يوماً.
  مَسْألَة: من نذر صوم شهر متفرقاً ثم صامه متتابعاً أجزأه ذلك؛ لأن ذلك زيادة صفة لا تمنع(٢)، لا يقال: إن للتفريق أصلاً في الوجوب فيلزم، وذلك كتفريق الثلاث والسبع في التمتع؛ لأن ذلك حكم نادر، والأحكام تتعلق بالغالب لا بالنادر.
(١) لا حاجة لقوله: وكذا بين الشهرين بعد قوله: صامها كيف شاء إلخ. والمحتاج إلى ذلك هو المؤيد بالله؛ لأنه يقول: يجب التتابع في كل شهر، وفي وجوب المولاة بين الشهرين قولان على أصله: قال الأستاذ: تجب، وقال القاضي زيد: لا تجب، كما في البيان.
(٢) في البيان: وهي لا تمنع.