تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الاعتكاف)

صفحة 410 - الجزء 2

  (و) الشرط الثالث: أن يكون ذلك (اللبث) الذي للاعتكاف (في) مسجد، فلا يقع في غيره، ويجزئ (أي مسجد) سواء كان المسجد الحرام أو غيره، جامعًا للصلاة أم لا. ويجزئ على سطحه، لا جداره ما لم يكن مسبلًا. وحيث يكون قد نذر بالاعتكاف ولم يجد مسجداً يجب عليه شراء عَرْصَة ويسبلها لذلك، ويكون شراؤها بما لا يجحف، فإن لم يجد إلا بما يجحف بقي النذر في ذمته حتى يتمكن، فإن فات الشهر المعين لذلك قبل التمكن قضاه عند وجود المسجد، والله أعلم.

  وعدم صحة الاعتكاف إلا في المسجد عام في الرجال والنساء، ويجوز لهن الدخول لذلك كالصلاة إلا أنه يكره في الشواب، ويحرم إن خشي الفتنة فيهن؛ وذلك حيث يكون المسجد مدخولاً للرجال، وإلا فلا كراهة، ولا يكره للعجائز مطلقاً.

  فَرْعٌ: [وإذا عين الاعتكاف في مسجد معين لم يتعين المسجد ويسقط عنه الوجوب بالاعتكاف في أي مسجد]⁣(⁣١)، وسواء كان المسجد المعين المسجد الحرام أو غيره، فتأمل.

  (أو) يقف المعتكف في (مسجدين) في أحدهما بعض اليوم وفي الآخر البقية فإنه يصح الاعتكاف إذا كانا (متقاربين) وحد التقارب: أن لا يكون بينهما ما يسع ذلك الرجل المعتكف قائماً، ولا عبرة بغيره، والمراد أن يكون جدارهما مسبلاً؛ لأنهما إذا كانا متباعدين أو متقاربين بما يسع المعتكف إلا أن الجدار غير مسبل فإنه يلزم من ذلك فساد الاعتكاف بالخروج من المسجد لغير عذر كما يأتي، والمراد أنه لا يخرج من مسبل أحدهما بجميع بدنه إلا وقد دخل بعض بدنه في الثاني؛ ولذا قدرنا التقارب بما يسع المعتكف دون اعتبار غيره.

  مَسْألَة: (وأقله) يعني: الاعتكاف (يوم) فلا يصح اعتكاف دونه؛ لملازمته للصوم؛ لكونه شرطاً فيه، و لا يقع صوم دون اليوم؛ لأنه لا يتبعض، بخلاف الليل لو نذر بعُشر ليلةٍ مع اليوم صح؛ لدخول العشر تبعاً لليوم الذي يصوم فيه. ولو نذر


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).