تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الاعتكاف)

صفحة 412 - الجزء 2

  (و) كذا (العكس) والمراد أن الليالي في نذره تتبع الأيام، لو نذر باعتكاف ثلاثة أيام لزمه اعتكاف ثلاثة أيام مع لياليها؛ لاندراج كل واحد منهما في الآخر، وقد جاء في القرآن: {ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا}⁣[آل عمران ٤١] وفي آية أخرى: {ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا ١٠}⁣[مريم] والقصة واحدة. وحيث تدخل الأيام مع الليالي والعكس فإنه يبدأ في اعتكافهما بالليل أو بالنهار، فهو مخير، فتأمل.

  (إلا الفرد) فإنه لا يتبعه الآخر كما مر في صدر المسألة، فلو نذر باعتكاف يوم لم يلزمه الليل، ولزمه من الفجر إلى الغروب، ولو نذر باعتكاف الليلة لم يلزمه؛ لعدم صحة اعتكاف الليل وحده، وعدم اتباع اليوم لها، ولا يلزمه هنا كفارة؛ لعدم انعقاد نذره بما لا يصح.

  مَسْألَة: (ويصح استنثاء) من المنذور باعتكافه ولو أكثره، وسواء استثناه باللفظ أو بالنية [إلا من عدد منصوص فإنه لا يصح الاستثناء إلا باللفظ كعشرة ونحوها، وفي شهر ونحوه يصح باللفظ أو بالنية]⁣(⁣١). وحيث ينذر باعتكاف عشرين يوماً يصح استثناء (جميع الليالي) منه وتبقى عليه الأيام، فلو قال: «عليَّ لله أن اعتكف عشرين يوماً إلا عشرين ليلة» فإنه يصح هذا الاستثناء ويلزمه عشرون يوماً فقط؛ لصحة انفراد الأيام في الاعتكاف، ويصح في هذه الصورة أيضاً أن يخرج بعض الأيام (من الأيام) فيقول: إلا عشرة أيام وعشرين ليلة، فيلزمه عشرة أيام فقط من دون ليال، وكذا ما زاد ولو لم يبق إلا يوم واحد، إلا مع استغراق الأيام فلا يصح الاستثناء ويبقى عليه المنذور به كاملاً إلا الليالي لو أخرجها، والله أعلم. أما لو قال: لله علي أن أعتكف ثلاثين ليلة إلا عشرين ليلة إلا عشرة أيام، فإنه يقسم الاستثناء بين العشرة الأيام بالليالي وبين العشرين من دون ليال، فيجب عليه ستة عشر يومًا من دون ليال وأربعة أيام بلياليها، ووجهه أنك تجمع المستثنى الأول - وهو العشرون - والمستثنى منه، وهو الثلاثون، وتقسم العشرة الأيام على الخمسين، فتحط عن العشرة الأيام


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).