(باب الاعتكاف)
  (نحوه) يعني: نحو الشهر، وذلك ما كان له حاصر أولًا وآخرًا كسنة أو أسبوع أو نحوها، فيعتكف ذلك متتابعاً، فإن نوى التفريق لم يجب التتابع. وإنما وجب التتابع هنا في غير المعين بخلاف الصوم لأنه هنا ثمة رابط بين الاعتكاف في اليوم الأول والآخر، وهي الليلة، وكذا ما كثر، فلو استثنى الليالي لم يسقط وجوب التتابع؛ لأنه قد وجب فلا يسقط باستثناء غيره؛ إذ لا يسقط واجب باستثناء واجب آخر. وحيث يلزم التتابع لو فرق لغير عذر أثم وأجزأه، إلا حيث أوجب على نفسه التتابع في اللفظ أو بالنية لم يجزئه مفرقاً؛ لإيجابه على نفسه ذلك، فيستأنف إن فرق إلا لعذر. وأما ما كان من النذر بالاعتكاف ليس له حاصر، وذلك كالعشر الأيام ونحوها فإنه لا يلزم التتابع إلا بالنية؛ لعدم الحاصر المذكور. وضابطه: أن ما كان له طرفان يكتنفانه كالأسبوع والسنة والشهر [يلزم فيه التتابع ما لم ينو التفريق، وإن فرق أجزأه ما لم ينو التتابع، وما لم يكن كذلك كالأسبوع(١) ونحوه](٢) لا يلزمه التتابع ما لم ينوه، فتأمل، والله أعلم.
  مَسْألَة: (ومطلق التعريف) بالألف واللام في الجمعة ونحوها (للعموم) فيجب اعتكافه أو صومه مستمراً، وذلك كأن ينذر باعتكاف يوم الجمعة فإنه يلزمه اعتكاف كل جمعة؛ إذ الألف واللام الداخلة على اسم الجنس تفيد العموم، وهي حقيقة في ذلك كما ذلك مقرر في مظانه من كتب الأصول، وقد يراد بها العهد أو التعريف بقرينة، فهنا القرينة الإرادة، لو أراد جمعة قد تقدم لها ذكر في الفضل أو قصد جمعة معينة لم يلزمه إلا تلك الجمعة وتكون إرادته صارفة عن الأصل من إفادة العموم، ويكون ذلك كما لو كان اللفظ منكراً، لو قال: «جمعة» لزمه ذلك فقط، إلا أن ينوي العموم فله نيته.
(١) هكذا في المخطوط، وقد تقدم في أول الضابط أن الأسبوع مما يلزم فيه التتابع. ولفظ حاشية في هامش شرح الأزهار بعد ضابط فيه معنى ما هنا وبعض ألفاظه: لا العشر ونحوها فلا يجب التتابع فيها. (é). ما لم ينو التتابع أو لفظ. (é).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).