(فصل): [في شروط وجوب الحج]
  (وإلا) يقدم ما تضيق من هذه الأربعة الأمور بل قدم الحج (أثم) بتقديمه (وأجزأ) الحج، كمن حج بمال مغصوب أو لابساً أو راكباً على مغصوب؛ إذ الطاعة لم تكن بنفس المعصية، وكمن استؤجر وهو فقير أنه يحج عن الغير ووصل الميقات وأحرم عن نفسه أجزأه لنفسه عن حجة الإسلام أو نفل وبقي ذلك المال ديناً عليه، وذلك حيث تكون الإجارة صحيحة، لا إذا كانت فاسدة فلا يأثم بنفس الحج، بل يجب عليه إذا لم يكن قد حج.
  (وهي) - يعني: الاستطاعة - أركانها ثلاثة:
  الأول: (صحة) في جسمه، والقدر المعتبر فيها أن يقدر على أن (يستمسك معها) يعني: مع تلك الصحة - على الدابة أو السفينة وحْدَه من دون ممسك ولا ضرر عليه بالركوب، ويكون في حال الركوب (قاعدًا) على الراحلة ونحوها من غير ضرر، ولو كان قعوده لا على صفة الركوب، ولو احتاج إلى مُعِيْنٍ في الركوب والنزول، وتكون أجرة ذلك الْمُعِيْن له شرطاً في الوجوب من جملة الاستطاعة، فإذا وجد ذلك وجب عليه الحج، ولا يسقط عنه بعدم إمكان المشي. وإن لم يمكنه الركوب إلا على المحمل(١) اشترط له ذلك ووجب عليه. وأما إذا لم يمكنه الركوب إلا بممسك فإنه لا يجب عليه، أو لم يمكنه أن يستمسك على الراحلة إلا مضطجعاً أو متكئاً لم يجب عليه الحج، يعني: ولا يلزمه الايصاء كالمعضوب الأصلي، وهو من لم يخلق له رجلان رأساً، والمراد بالأصلي هو الذي كان فيه ذلك خلقاً أو وقع قبل الاستطاعة، وأما إذا طرأ عليه بعد أن استطاع فإنه يجب عليه الاستئجار أو الإيصاء إن حضرته الوفاة.
  ومن لم يمكنه الركوب على الراحلة من جمل أو نحوه لرفاهية ولم يجد غيره لم يجب عليه الحج؛ ومن لا يمكنه الركوب إلا مضطجعاً لم يجب عليه ولو أمكنه المشي، فتأمل؛ إذ إمكان الركوب شرط؛ لقوله ÷: «وراحلة»، والله أعلم.
(١) في البيان: إلا في محمل.