تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): [في شروط وجوب الحج]

صفحة 438 - الجزء 2

  (و) الثاني: (أمن) في الطريق على نفسه من التلف أو الضرر، وفرجه، وماله الذي يحتاج إليه، لا مال التجارة فلا يعتبر الأمن عليه؛ إذ يمكنه تركه في أهله ويذهب للحج، ويكفي الظن في حصول الأمن، وحدّ الأمن أن لا يعد مخاطراً بنفسه في الطريق أو ماله أو فرجه. والمراد بالأمن على المال مما هو (فوق معتاد الرصد) وهي أجرة حفاظ الطريق من المارة، ويثبت عادة بمرتين ولو في سنة واحدة، والجبا الذي يؤخذ من مارة الطريق من دون حفظ، فما اعتيد من الرصد والجبا في الطريق فلا يعتبر الأمن منه، وكذا أجرة الرفيق، ويكون وجود المال لذلك شرطاً من جملة الاستطاعة، فإن طلب الرصد زائداً على المعتاد سقط الوجوب، بمعنى: لم يجب الحج؛ إذ يشترط الأمن على الزائد على ذلك ولو كان للرصد، ولو قلّ المال الذي يخاف عليه، فإذا ثبت هذا الزائد مرتين صار معتاداً إذا سلّمه من يعتد به من المارة.

  فَرْعٌ: ولا يجب بذل المال لأجل الأمن، بخلاف ما إذا كان يجد طريقاً آمناً وهو بعيد يحتاج فيه إلى مال كثير وهو يجده فإنه يجب عليه [الحج]⁣(⁣١)، والله أعلم.

  والبر كالبحر في وجوب الحج إذا لم يوجد مسلك غيره مع حصول الأمن وظن السلامة فيه كالبر. ويعتبر أيضاً في الطريق أن يوجد العلف للدابة ونحوها في كل مطرح بحسب المعتاد، وإلا لم يجب الحج، وكذا الماء، إلا أن يمكن حمل العلف ونحوه وجب، كزاد الحاج، والله أعلم، فالمعتبر في الزاد وجوده في المطارح أو إمكان حمله.

  (و) الثالث: أن يملك (كفاية) ولو من قرض، ولا يجب عليه، فإن فعل كان بذلك مستطيعاً، ولا بد أن تكون تلك الكفاية (فاضلة عما استثني) وهي ما استثني للمفلس من الكسوة والمنزل والخادم والسلاح، وحاصله ما استثني للمفلس. وتلك الكفاية مما سواه (له وللعول) الذين يلزمه إنفاقهم من الأولاد الصغار والكبار إذا كان يلزمه إنفاقهم، وأبويه كذلك، وكذا سائر من يلزمه إنفاقهم من سائر القرابة، من النفقة والكسوة والمنزل والأثاث والخادم المحتاج إليه، فإذا ملك ذلك القدر مدة


(١) ما بين المعقوفين من هامش شرح الأزهار.