(فصل): [في شروط وجوب الحج]
  سائر بقاع المناسك كالموضع فكانت كلها في حقهم كالموضع الواحد، لا أهل المواقيت فلما كان يصح الإحرام من غيرها كانت كسائر بقاع الدنيا فيعتبر في حقهم الرحل، والله أعلم. وهذا في الرحل فقط، وأما سائر أمور الاستطاعة من الصحة والأمن والكفاية فمعتبرة في حق القريب والبعيد سواء، فلا يجب إلا مع حصولها.
  وهل المشي إلى بيت الله أفضل أم الركوب؟ الظاهر أن المشي أفضل؛ لحصول المشقة فيه، وركوب النبي ÷ لا ينافي أفضلية المشي؛ لجواز [أنه] منعه من المشي كثرة الناس أو غيره، وتقدمُ {رِجَالًا} في الآية في سياق بيان المطيع للأذان دليل على ما قلناه.
  فَرْعٌ: ولو لم يمكنه الحج إلا بإتعاب البهائم زائداً على المعتاد المستحسن(١) فذلك لا يمنع وجوب الحج، فلا بأس بإتعابها لذلك كالجهاد، والله أعلم.
  (و) الثالث: (أجرة خادم) يخدمه في سفره إن احتاج إلى ذلك للعجز عن خدمة نفسه، فتكون أجرته من جملة مال الاستطاعة، فإن لم يجدها لم يجب، ولو لم يوجد الخادم إلا برحل اشترط أن يوجد لخادمه رحل كالأجرة والنفقة أيضا؛ إذا كان من جملة الأجرة عرفاً. وإن كان يمكنه خدمة نفسه لم تعتبر أجرة الخادم وإن كان ممن يستخدم في العادة؛ لأن الخادم لا يكون للعادة إلا في حق المرأة فقط، فافهم.
  (و) كذا أجرة (قائد للأعمى) فلا يجب على الأعمى الحج إلا إن وجد ذلك، أعني: أجرة لمن يقوده، وكذا رحلاً لقائده وخادماً إن لم يقع إلا بذلك. ووجودُ الخادم وأجرته ونفقته ورحله إن اعتيد - يعني: لا يوجد إلا بذلك - وقائد الأعمى وخادمه ورحله كذلك شرطٌ في الوجوب، فلا يجب الإيصاء إن وجد الأجرة ولم يجده أو العكس، فهو يخالف المحْرم في حق المرأة؛ إذ يمكنها أن تحج من دونه، لكن منعها الشرع، بخلاف الأعمى والعاجز عن خدمة نفسه، والله أعلم.
(١) في المخطوط: المستحق بذلك، والمثبت من البيان.