(فصل): [في شروط وجوب الحج]
  (و) يعتبر أيضا وجود أجرة (محْرم) للمرأة التي تريد الحج يخرج معها، ولا بد أن يكون (مسلم) مؤتمناً ولو فاسقاً أو عبداً أو صغيراً مميزاً، لا طفلاً فلا يكفي، والمحرم هنا: هو زوجها أو من يحرم عليها نكاحه من نسب أو رضاع أو سبب، كزوج أمها أو ابنتها أو أب زوجها أو ابنه، فلو حجت من دون محرم أثمت وأجزأها.
  وإنما يعتبر المحرم (للشابة) الحرة ولو خنثى، وهي ممن يرغب فيها، لا العجوز التي لا يرغب فيها فتخرج مع نساء ثقات معهن محارم أو مع رجال ثقات.
  وإنما يعتبر المحرم (في) سفر قدره (بريد فصاعدًا) لا دونه فلا يعتبر، وأما فيما هذا قدره فهو معتبر، فلا يجوز لها أن تسافر ذلك القدر إلا بمحرم، ولا تكتفي بما لو كان معها حشم وجوار ونحو ذلك مما لا يعد محْرماً لها ولو كثرت النساء معها. والمراد بقدر البريد إلى أبعد مقصد لها من مواضع المناسك مكة أو الجبل. ولعل توسط الوطن في سفرها يقطع حكم السفر لو لم يبق منه إلى الأبعد إلا دون بريد، فتأمل.
  ويعتبر وجود أجرة المحرم سواء (إن) كان قد (امتنع) من السير مع محرمه لسفر الحج (إلا بها) يعني: بالأجرة والنفقة أو لم يمتنع من ذلك، ويلزمها إن طلب ذلك؛ إذ ما لا يتم الواجب إلا به يجب، ولا يجب عليه السير من دون أجرة، ولا تحرم عليه؛ إذ لا يلزمه السفر معها. فلو طلب منها ما هو زائد على أجرة المثل وجب عليها ذلك إن كان لا يجحف بها، وخالف معتاد الرصد؛ إذ يؤخذ كرهاً. ولو بذل المحْرم السفر مع محرمه للحج من دون أجرة لم يلزمها أن تخرج لذلك(١) وهي لا تجد أجرته؛ ولذا أخرجنا الأزهار عن ظاهره، وهو المختار؛ إذ لو أخذ بظاهره لفهم منه أنه إذا لم يمتنع من دون أجرة لزمها وليس كذلك كما عرفت، والله أعلم.
  (و) وجود (المحرم شرط أداء) فلا يتضيق الأداء إلا بوجوده ممتثلاً للسير، ووجود أجرته في ملك المرأة شرطُ وجوبٍ، فلا يجب عليها الإيصاء إن حضرتها الوفاة إلا إذا قد ملكت أجرته، فهي من جملة الاستطاعة في حقها، وقد زاد الفرع هنا
(١) إلا أن يكون ولداً¹.