(باب الوضوء)
  الثاني أو الثالث، وكذا في السجدة(١)؛ لأن أفعال الصلاة مترتبة فلا تأثير لنيته، وتصح الصلاة كلها ما قبل النية وما بعدها، ومثل ذلك في الحج أيضاً إذا فعل شيئاً من أركانه بنية النفل [أو بنية فرض آخر](٢) فإنه لا يفسد، لكن لا يجزئ ذلك الركن الذي فعل، بل يعيده. ولعل مثل ذلك في الوضوء؛ ولذا قلت أولاً: «ولعل ما بعد نية الرفض لا يصح إتمامه بالنية الأولى ويصح الإتمام بنية جديدة لما قد نواه له أولاً إلخ» فلينظر في ذلك.
  مَسْألَة: (و) أما (التخيير) فلا تصح معه النية لأيِّ الأمرين المخيَّر بينهما؛ لأن النية إرادة مخصوصة يعتبر(٣) فيها الجزم من أول الأمر، فلو خيَّر بين الظهر والعصر بقوله: «نويت بوضوئي لصلاة الظهر أو العصر» فلا يصح الوضوء لأيهما، وكذا لو خيَّر بين فرضٍ ونفلٍ فلا يصح لأيهما، ولا يقال: النفل يدخل تبعاً فيصح له؛ لأن النية هنا لم تسقر لأمرٍ منهما فلا تصح للفرض ولا للنفل؛ لذلك، وهو عدم استقرارها. وهل يرفع الحدث عند من منع مسَّ المصحف للمحدِث؟ وهل يفرق بين التخيير بين عبادتين وبين عبادة ومباح؟
  فَرْعٌ: فلو خيّر بين الظهر والجمعة لم يضر؛ لأن الوجه واحد، وكذا بين الجنابة والحيض.
  مَسْألَة: ولا يجب أن ينوي أن الوضوء فرضٌ مهما نواه للصلاة، وسواء كان الوضوء بعد دخول وقت الصلاة أو قبله ولو كان قبل دخول الوقت نفلًا؛ لعدم وجوبه قبل الوقت، إلا أنه - أعني: النفل هنا من الوضوء - منع(٤) وجوب الوضوء لها لَمَّا كان قد فعل لها، فلا يجب وضوء آخر، وقد أجزأ الأول ولو كان نفلاً؛ لأنه بعد دخول الوقت مسقط للفرض؛ لأن ذلك النفل ينكشف فرضًا(٥).
(١) في الشرح: السجود.
(٢) ما بين المعقوفين من هامش شرح الأزهار.
(٣) في (ج): «معتبر».
(٤) أي: رفع. (هامش بيان).
(٥) في نخ: فهو إذ ذاك ينكشف أنه فرض.