(باب الوضوء)
  (و) الفرض الرابع: (المضمضة) وهي بفعل(١) الماء في الفم (والاستنشاق) وهو: استصعاده في المنخرين، فذلك واجب؛ وهما من الوجه وإنما أفردهما الإمام ¦ لأجل الخلاف فيهما، روى أبو أمامة الباهلي(٢) عن النبي ÷ أنه قال: «المضمضة والاستنشاق من الوضوء، لا يقبل الله الوضوء من دونهما» وفي رواية: «إلا بهما».
  ويعتبر أن تكون المضمضة والاستنشاق (بالدلك) للفم والأنف بإدخال الإصبع، ولم يذكر الإمام ¦ وجوب الدلك في سائر أعضاء الوضوء، وإنما ذكره هنا فقط؛ لأنه استغنى عن ذكره بذكر الغسل؛ إذ الغسل مجموع جُري الماء مع الدلك (أو المج) للفم مع المصاكة(٣) له في جوانب الفم، فتقوم شدة المصاكة(٤) مقام الدلك، وفي الأنف بضم المنخرين من خارج وعركهما، فيكون كإدخال الأصبع إليهما وعركهما. وقد قامت المصاكة(٥) مقام الدلك هنا كما ذكر في الأرشية في قوله ¦: «وما صاك الماء من الأرشية»، وكذا في الإناء إذا كان فمه ضيقاً لم يمكن إدخال اليد إليه فيكفي في تطهيره مصاكة(٦) الماء في جوانبه، كما مر.
  فَرْعٌ: فإن خشي من استعمال الماء للمضمضة والاستنشاق ضرراً جاز الترك، ولا يؤم بمن هو أكمل منه. وهذا حيث لا يمكن دفع الضرر، كتسخين الماء البارد ونحوه، وإلا وجب كما يأتي إن شاء الله تعالى في التيمم، فإن زال عذره قبل الخروج من الصلاة وجبت الإعادة، كمن وجد ماء يكفيه لأعضاء التيمم فقط فإنه لا يجب عليه التأخير.
(١) وفي الشرح: «جعل».
(٢) صدي بن عجلان أبو أمامة الباهلي، صاحب رسول الله ÷، غلبت عليه كنيته، سكن مصر ثم انتقل إلى حمص فسكنها وبها مات، وهو من المكثرين في الرواية عن رسول الله ÷، توفي سنة (٨١ هـ) وقيل (٨٦ هـ). الاستيعاب لابن عبد البر (٤: ١٦٠٢).
(٣) في المخطوطة: «المصاككة».
(٤) في (ج): «المصاككة».
(٥) في (ج): «المصاككة».
(٦) في (ج): «مصاككة».