تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في تعداد محظورات الإحرام وما يلزم في كل واحد منها

صفحة 476 - الجزء 2

  (و) هذه الأشياء الأربعة المتقدمة من قوله: «ولبس الرجل المخيط» إلى هنا يجب (فيها) جميعاً (الفدية) والفدية: هي ما وجب على المحرم لما فعله من بعض محظورات الإحرام، احترازاً من بعضها، وهو ما يجب بالوطء ونحوه فهو كفارة، وما يجب في قتل الصيد وإفزاعه فهو جزاء، وما وجب بأخذ شيء من شجر الحرم أو ما قتل من صيد الحرم فهو قيمة.

  نعم، الفدية اللازمة هنا هي إما دم يريقه أكثره بدنة وأقله (شاة) وتكون بسن الأضحية، أو سبع بقرة أو عشر بدنة، ينحر ذلك للمساكين تمليكاً (أو إطعام ستة) مساكين مصرف للزكاة تمليكاً، فيصرف إليهم ثلاثة أصواع، كل واحد نصف صاع من أي جنس من بر أو غيره، ويجوز صرفها في واحد - وتجزئ القيمة ابتداءً ولو لغير عذر - ما لم يصر بها غنيا. وهذا عام في جميع ما يلزم في الحج من الفدية أو غيرها، وهو أنها تصرف تمليكاً فلا تجزئ الإباحة، وتجزئ القيمة ابتداء، ويجزئ صرفها في واحد ما لم يصر بها غنيّاً (أو صوم ثلاث) أيام متوالية أو متفرقة. فهذه الثلاثة أحد خصال الفدية هذه، وهو مخير فيما بينها ابتداء، فأيها أخرج أجزأه، وسواء فعل شيئاً مما يوجبها لعذر أم لغير عذر، وسواء طال لبثه لابساً للمخيط أو قل، وسواء كان [المخيط على كل البدن أو بعضه كالخف ونحوه، وسواء]⁣(⁣١) كان ذلك الشيء محرماً لغير الإحرام وذلك كالحرير ونحوه أم لا كالقطن، فكل ذلك سواء في إيجاب الفدية، أي الثلاثة الأنواع أخرجه أجزأ، وكان القياس أن عدل الشاة إطعام عشرة أو صوم عشرة، إلا أنه خاص بهذا الموضع أن الثلاث تجزئ عن الشاة، بخلاف ما سيأتي، وذلك لخبر كعب بن عجرة في تفسير قوله تعالى: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}، روي أن كعب بن عجرة قال: مر بي رسول الله ÷ في الحديبية ولي وفرة من شعر فيها قمل وأنا أطبخ قدراً لي وهي تتناثر على وجهي، قال: «أتؤذيك هوام رأسك؟» [قلت: نعم]، فقال ÷: «احلق رأسك واذبح شاة أو صم ثلاثة أيام أو أطعم


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).