تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان ما يحرم فعله في الحرمين

صفحة 499 - الجزء 2

  فيخير في ذلك اللازم بين أن يهدي به أو يطعم، فإن لم تكن قيمة تصدق، ولا صوم هنا؛ لأنه لم يهتك حرمة عبادة، فتأمل، (و) ما لزم للحرمين من الجزاء (تلزم الصغير) والمجنون، وكذا الناسي؛ لأنها جناية تضمن فلا يعتبر التكليف فيها، ويلزم الكافر فتؤخذ منه، وتلزم العبد دين جناية تتعلق برقبته كغير هذا الموضع من ديون الجنايات.

  مَسْألَة: وما أخرجه السيل من الحرم من الشجر سقطت حرمته، فيجوز أخذه، لا ما أخرجه الغير؛ لتعديه.

  وهو يجب على الآخذ للشجر والصيد الإصلاح لما فسد والرد إن أمكن، وإلا غرسها حيث هو، والحرمة باقية إن لم تكن قد يبست، وإن قد يبست زالت الحرمة، بخلاف ما يحمله السيل من الشجر إلى الحل. (و) متى أصلحه فإنها (تسقط) القيمة اللازمة له (بالإصلاح) لذلك، وذلك كأن يكون المأخوذ شجراً فغرسه وسقاه حتى أصلحه، وذلك كالريحان ونحوه، والمراد أن تعود إلى حالها قبل الفساد، وذلك بعودها مخضرة كما هو، لا لو يبست فسقاها أو المطر حتى فطرت من عروضها فإنها لا تسقط عنه القيمة بذلك؛ إذ قد لزمته القيمة بالفساد وبزوال الحرمة، فليتأمل، والله أعلم. وكذا في أخذ الصيد لو رده إلى الحرم فإنه يسقط عنه ما لزمه، والمراد لو قلع ريشه أو نحوه من سائر الجنايات الموجبة للأرش فأطعمه وسقاه حتى عاد ريشه أو اندمل، ويتصدق بصدقتين: صدقة لنتف ريشه، وصدقة لإيلامه. وله ولاية هنا في إصلاحه، لا كملك الغير. وهو يبرأ برد الحيوان إلى حيث يأمن عليه، ويجب إلى الحرم إن لم يكن طيراً⁣(⁣١)، [وأما الطير] فبإرساله؛ إذ الهواء حرز له وإن لم يكن في الحرم، إن لم يكن معه بيض، وإلا وجب حمله وإياها إلى الحرم⁣(⁣٢)، أو يقوم به حتى تفرخ البيض وتكبر الفراخ حتى يطير ويرسله.


(١) في (ج): «طائرًا».

(٢) إلى المحل الذي أخذه منه. (é).