تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان ما يحرم فعله في الحرمين

صفحة 505 - الجزء 2

  فيه» (و) يصح الطواف متى جمع شروطه و (لو) مكرهاً أو طاف وهو (زائل العقل) حاله فإنه يجزئه، وإذا أفاق وجب عليه إعادة الطواف - لاختلال الطهارة - ما لم يلحق بأهله، وإلا لزم دم لاختلال الطهارة. هذا إن زال عقله بعد الدخول في الطواف، وأما قبله فإنه يوضئه رفيقه، ولا ينتقض باستمرار زوال العقل، كالحدث الدائم في حق المستحاضة ونحوها. وإنما أجزأ الطواف مع زوال العقل لأن أعمال الحج كلها لا تفتقر إلى نية بعد الإحرام، إلا الطواف المتنفل به وكالمنذور به، والمراد إذا كان الطواف مستقلاً وجبت النية له مطلقاً سواء كان فرضاً أو نفلاً، (أو) طاف (محمولًا) على آدمي - ويجزئ الحامل والمحمول - أو بهيمة أو نحوها، ولعله يجوز إدخال البهائم للضرورة ويتأمل، (أو) كان (لابسًا) ثوباً غصباً في حال إحرامه، أو (راكبًا) بهيمة أو نحوها (غصبًا) فإنه وإن كان آثما بالغصب فلا يمنع من صحة طوافه؛ إذ جهة الطاعة غير جهة المعصية.

  (وهو) يبدأ بالطواف (من الحجر الأسود) وهو معروف محله الركن اليماني إلى جهة الشرق، والابتداء منه (ندبًا) فلو ابتدأ من غيره من سائر الأركان أجزأه. وندب عند الابتداء منه استلامه وتقبيله بفمه إن أمكن، عنه ÷: «إن الحجر الأسود يبعث يوم القيامة أه وله عينان ولسان ينطق وشفتان تشهد لمن استلمه بحق» وقد جاء عنه ÷: «إن الحجر الأسود كان أشد بياضاً من الثلج حتى سودته خطايا بني آدم».

  ويجب أن يكون حال طوافه (جاعل البيت عن يساره) كالإمام والطائف كالمؤتم، فلو جعله عن يمينه لم يعتد بذلك الطواف، ولو جعله عن يساره ورجع في طوافه على ظهره لم يصح طوافه؛ لأنه خلاف المشروع، وقد قال ÷: «خذوا عني مناسككم». والعبرة في الطائف المحمول على آدمي أن يكون البيت على يسار الحامل والمحمول، فيجعل بطن المحمول على ظهره ويجزيهما الطواف جميعاً، فإن كان البيت على يسار أحدهما فقط أجزأه دون الآخر من الحامل أو المحمول. ولا يزال على هذه الصفة في الطواف (حتى يختم به) يعني: بالحجر الأسود إن ابتدأ منه، وإلا