(فصل): في بيان ما يحرم فعله في الحرمين
  دخول زمزم وما بينهما من الأمور فهي في طواف القدوم فقط فلا يفعلها في غيره. والرمل إنما هو (في الثلاثة) الأشواط (الأُول) من الطواف، وأصل ذلك ما روي أن النبي ÷ لما دخل هو وأصحابه مكة قالت قريش: إن حمى يثرب قد أخذتهم، فرمل النبي ÷ في الثلاثة الأشواط وأمر أصحابه بذلك وقال: «رحم الله امرأ أراهم اليوم من نفسه قوة» فلما رأوهم قالوا: ما نراهم اليوم إلا كالغزلان، فصارت سنة بعد ذلك (لا بعدها) يعني: بعد الثلاثة الأشواط الأول، فلا رمل في الرابع وما بعده (وإن ترك) الرمل (فيها) يعني: في الثلاثة، فلا يفعل فيما بعدها لتركه فيها؛ إذ المشروع في الأربعة الأخيرة المشي فقط من دون رمل، فإن فعل بأن رمل في الأربعة فقد ترك مسنون الرمل في الثلاثة الأُول وفعل مكروهاً بالرمل في الأربعة الأخيرة، وفي هذا إشعار بأنه لا يفعل مسنون الجهر في القراءة في الصلاة في محل مسنون السر في الثالثة لتركه في محله من الثانية، وقد مر في الصلاة، والله أعلم.
  (و) الثاني: (الدعاء في) أوله و (أثنائه) يعني: حاله، فيشرع أن يقول عند الابتداء في كل شوط: «بسم الله وبالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم» وإذا(١) وصل الباب - وهو أحد أمكنة الإجابة - قال عنده قائماً واقفاً مستقبلاً له: «اللهم البيت بيتك، والحرم حرمك، والعبد عبدك، وهذا مقام العائذ بك من النار، اللهم فأعذني أو أجرني من عذابك، واختصني بالأجزل من ثوابك، ووالدي وما ولدا والمسلمين والمسلمات، يا جبار الأرضين - بفتح الراء - والسماوات»، فإذا أتى الحجر قال في حال طوافه: «رب اغفر وارحم، وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الله العلي الأعظم»، ويكرر ذلك والتسبيح والتهليل والصلاة على النبي وآله ÷، [روي عن أمير المؤمنين كرم الله وجهه أنه كان يقول في الإبتداء: «اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، واتباعاً لسنة نبيك محمد ÷»](٢) فإذا وصل المستجار -
(١) في (ج): «فإذا».
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).