[النسك الخامس: المبيت بمزدلفة]
  فيصليهما (فيها) يعني: في مزدلفة جمع تأخير بأذان واحد وإقامتين، فإن صلاهما في غير مزدلفة فإما لعذر أو لغيره، فلغير عذر لا يجزيانه ويجب عليه القضاء؛ لأنه صلاهما في غير مكانهما المقدر شرعاً، إلا أن يترك القضاء جهلاً فلا شيء عليه، وعليه دم لترك صلاتهما هنالك، ولعذر كخشية فوتهما قبل الوصول إلى مزدلفة يصح منه فعلهما في غيرها، ويلزمه دم لتركهما؛ لأنهما نسك، فإن وصل مزدلفة والوقت باق وجبت عليه الإعادة كالمتيمم إذا وجد الماء، [ويسقط عنه الدم](١). والجمع أيضاً بينهما نسك آخر، وهو أن يصلي المغرب بعد دخول وقت العشاء ولو صلى المغرب أول الليل والعشاء آخره؛ إذ قد صدق عليه أنه جمع بينهما في وقت الآخرة، فإن لم يجمع بأن صلى المغرب في وقته والعشاء في وقته لغير عذر لم يصح المغرب؛ إذ هو قبل الوقت المضروب له شرعاً، ولا العشاء أيضاً؛ لوجوب الترتيب، فتلزمه الإعادة في الوقت لهما، وبعده مع العلم القضاء.
  فإن كان التفريق لعذر صحت الصلاة الأولى وكذا الأخرى - أعني: صلاة العشاء - ولزمه دم ولو كان التفريق لعذر كما لو صلاهما في غير مزدلفة، وهذا في حق غير الحائض والنفساء والمجنون، وأما هما فلا دم عليهما لترك الصلاة بمزدلفة ولعدم الجمع؛ لسقوط الصلاة عنهما بالكلية. وأما من صلى قبل الإحرام ليلة النحر العشاءين في غير مزدلفة [ثم أحرم في بقية الليل](٢) فإنه يجب عليه إعادتهما؛ لانكشاف وجوب صلاتهما في محل مخصوص بالإحرام، فإن لم يعد وخرج الوقت لزمه دم لترك الصلاة في مزدلفة، ويفرق بينه وبين الحائض والنفساء والمجنون بأن الصلاة ساقطة عنهم بالأصل، بخلاف من أحرم كذلك فقد انكشف بإحرامه وجوب تأديتهما في محل مخصوص، فلأجل وجوبهما عليه لم تسقط.
  وإذا ترك المبيت بمزدلفة والصلاتين فيها فإنه يلزمه دمان، وينضاف إلى ذلك لو ترك الدفع قبل الشروق لزمه ثلاثة، وكذا لو لم يمر بالمشعر [يلزم دم] يكون جملة ما
(١) ساقط من (ج).
(٢) ساقط من (ج).