تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

[النسك السابع: رمي جمرة العقبة]

صفحة 527 - الجزء 2

  ويجب أن تكون الحصى التي يرمي بها (مباحة) فلا يصح الرمي بالمغصوب منها. وفرق بين هذا وبين ما لو طاف أو وقف على جمل مغصوب أو نحوه: أن هذه تحصل العبادة بها بنفس المغصوب، بخلاف الطواف ونحوه فالمقصود منه الصيرورة في ذلك المحل على تلك الصفة، وقد حصلت وإن كان فاعلاً لمحظور، فتأمل، فهو فرق جيد.

  ويجب أيضاً أن تكون الحصى (طاهرة) إذ الرمي عبادة، فلا يجزئ الرمي بالحصاة المتنجسة كالصلاة بالثوب المتنجس، ولأن استعمال النجس لا يجوز، والطاعة هنا لا تجامع المعصية؛ إذ هو بنفس المعصية، فتأمل.

  ويجب أيضاً أن تكون (غير مستعملة) قد استعملها للرمي غيره أو هو، ويقال: قد رمى بها رمياً مجزئاً، كالماء المستعمل؛ إذ⁣(⁣١) قد رفع حكماً، لا لو كان الذي رمى بها لم يجزئه الرمي بها لنجاسة فيها أو نحوه فإنه يجزئ الثاني أن يرمي بها بعد التطهير، وكما لو رمى بها قاصداً إصابة البناء فإنه يجزئه أو غيره أن يأخذها بعد إباحتها ويرمي به؛ إذ لم يعتد بما رمى بها أولاً لذلك، وليتأمل، والله أعلم.

  (و) اعلم أن الرمي له (وقت) أداء وقضاء، فوقت (أدائه) أما أوله فهو (من فجر) يوم (النحر) فلو رمى قبله لم يجزئه، والعبرة بخروج الحصى من اليد فلو خرجت قبل الفجر ولم تقع إلا بعده لم تجزئ، وعكسه لو خرجت في وقته ولم تقع إلا بعد خروج الوقت لم يضر ذلك وقد أجزأ (غالبا) يحترز من المرأة ومحرمها والمريض والخائف والضعيف وكل معذور كالرفيق مع المريض ونحوه فابتداء وقت الرمي في حقهم من نصف الليل الأخير، ويلزم من رمى في ذلك الوقت للعذر دمان؛ لترك المرور بالمشعر ولترك المبيت بمزدلفة إذا لم يكن قد بات أكثر الليل، وإلا فلا دم عليه لذلك؛ لسقوط الواجب بمبيت أكثر الليل⁣(⁣٢)، وأما الدفع فقد حصل قبل الشروق ولو كان من الليل. وهذا من فوائد جعل المرور بالمشعر نسكاً غير الدفع، فتأمل.


(١) في (ج): «إذا».

(٢) وإذا كانوا قد باتوا أكثر الليل ثم عادوا للمرور بالمشعر قبل الشروق بعد طلوع الفجر سقط الدمان. (é).