[النسك السابع: رمي جمرة العقبة]
  ومن صور التفريق: أن يترك رمي اليوم الأول والثالث.
  فهاتان صورتان يلزم في كل واحدة منهما دم للترك - وهو شيء واحد وإن تعدد المتروك - ودم للتفريق، وقد عرفته، وذلك حيث لا يقضى المتروك في أيام التشريق، وإلا لزمه دم واحد للتأخير إن قضى كذلك؛ لأنه بالقضاء لا ترك - وهو ظاهر - ولا تفريق؛ إذ هو للتركين، وقد زالا فافهم. والمعتبر في التفريق هو إما أن يكون الترك مفرقاً(١) أو متوالياً فلا شيء فيه، لا بالجمار في نفسها، كما قلنا لو ترك الأولى في اليوم الثاني والثانية في الثالث أو أربعاً أربعاً من حصياتهما، فهذا ترك مفرق يجب فيه دمان بخروج أيام التشريق.
  وضابطه: أن كل فعل بين تركين يوجب دمين؛ لأنه تارك مفرق، وكل ترك بين فعلين يوجب دماً واحداً؛ لأنه تارك فقط، فظهر لك أن التفريق لا يحصل إلا بين التركين، لا بين الأفعال، فتأمل. فعلى هذا أقول: لو ترك الأول والثالث في اليوم الأول أو الثاني أو الثالث، أو ترك الأول في الأول مع الأول في الثاني أو الثالث والأول في الأول مع الثاني كذلك، أو وقع الثالث كذلك أو الثاني في الأول مع الأول أو الثاني أو الثالث في الثاني أو الثالث، أو الثالث في الأول مع الثاني لا مع الأول؛ لأن الترك مفصل، أو الثالث في الثاني، أو الثالث أو الأول في الثاني مع الثاني والأول أو الثالث في الثالث أو الثاني في الثاني مع الأول، والثاني أو الثالث في الثاني مع الثاني لا مع الأول؛ لاتصال الترك، أو الثالث في الثالث فهو تفريق كما عرفت، ومبنى هذه الصور على أنه نفر في اليوم الرابع، وإن لم ينفر فيه وقدر فيه الترك زدت في كل صورة على هذا المنوال، فتأمل موفقا إن شاء الله تعالى، والله أعلم، وليتأمل، فسبحان من تفرد بالكمال.
  ولا يصير مفرقاً بين ترك جمرتين برمي جمرة بينهما بثلاث حصيات أو دونها، بل بأربع فما فوقها، والله أعلم. وأما لو ترك رمي اليوم الأول ورمى الثاني أو رمى الثاني
(١) لفظ البيان: ويعتبر في التفريق ±بالترك هل هو متوال أو مفترق لا بالجمار في نفسها.