[النسك العاشر: طواف الوداع]
  (و) الرابع والخامس: (من فات حجه أو فسد) أما من فات حجه فظاهر؛ إذ قد فاتت جميع مناسكه، وأما من فسد فللزوم العود له ولغيره. وأما المعذور فحكمه مخالف لهؤلاء، فيلزمه دم لتركه، وكذا الناسي فيجب العود له [ولغيره](١) ما لم يلحق بأهله. ويدخل في ذلك من مات في مكة قبل الوداع فإنه يلزمه دم عنه، ويخرج من تركته وإن لم يوص. وكذا من عليه حجتان من نذر وحجة إسلام فلا يسقط عنه طواف الوداع؛ لأن حجه صحيح، وطواف الوداع أحد المناسك فيلزمه، وليس كمن فات حجه أو فسد.
  (وحكمه) يعني: طواف الوداع (ما مر) في طواف القدوم (في النقص والتفريق) فيلزم دم لتفريقه أو شوط منه عالِماً غير معذور كما مر تفصيل ذلك، والله أعلم.
  (و) طواف الوداع يختص بحكم، وهو أنه يجب أن (يعيده من) فعله ثم لم يسر من مكة بل (أقام) بمكة أو ميلها (بعده أيامًا) ثلاثة؛ إذ قد بطل وداعه بالإقامة كذلك؛ إذ لا يسمى بعد هذه المدة مودِّعاً بما قد فعل قبلها، وأما لو اشتغل بشد رحله أو نحوه وكان ذلك في مدة يسيرة كدون ثلاثة أيام لم يبطل وداعه بذلك ولا تجب الإعادة، وكذا لو وقف هذه المدة - أعني: دون الثلاث - لا للاشتغال بأعمال السير فإنه لا يضر؛ إذ دون الثلاث في حكم الانتظار غير المبطل لها؛ ولذا كان حق الضيف ثلاثاً ولم يبطل حقه بالوقوف دونها، وكذا هنا، فإن وصل الثلاث من وقت الفراغ من الطواف إلى مثله وجبت الإعادة لذلك.
  فهذه مناسك الحج العشرة، ولا غيرها، فليس منها الحلق والتقصير بعد الرمي، بل هو تحليل محظور، وقد مر، فلو فعله قبلُ لزم دم، ولا دم عليه إن تركه؛ لعدم كونه نسكاً، ويفسد حجه لو وطئ بعد الحلق وقبل الرمي، ولو كان نسكاً يتحلل به لم يفسد به، والله أعلم. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله.
  ولما فرغ الإمام ¦ من تعداد المناسك ذكر حكماً عامّاً للطوافات كلها فقال:
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).