(فصل): في الإحصار عن إتمام ما أحرم له وأسبابه، وحكم من أحصر، وما يتعلق بذلك
  مكان الفساد - محرمين لزمهما الافتراق [منه، ولا يلزمهما الإحرام منه، بل من الميقات الشرعي، فمتى أحرما لزمهما الافتراق](١) حتى يحلا، ولو لم يحرما إلا وقد صار الزوج مجبوباً أو عنيناً. ومعنى الافتراق: هو أن لا يخلو بها في مكان واحد في منزل أو محمل أو نحوهما، فإن كان معهما غيرهما جاز، ويجوز أن يقطر حاملها إلى حامله. وإذا خشي عليها إن فارقها جاز له الاجتماع ولو بمجرد الخشية. ووجوب الافتراق بعد الإحرام في القضاء عام، سواء مضى من ذلك المكان أو من غيره، وأصل وجوب الافتراق أنهما إذا بلغا ذلك المكان تذكرا ذلك الأمر، فعوقبا بوجوب الافتراق فيه إذا بلغاه محرمين، ثم وجب الافتراق بعد الإحرام مطلقاً مضيا فيه أم لا، وذلك لأن للأمكنة تأثيراً في الشوق إلى الذي وقع منهما فيه والاسترواح بذلك، ولله در ابن الرومي حيث يقول:
  ولي وطن آليت أن لا أبيعه ... وأن لا أرى غيري له الدهر مالكا
  عهدت به شرخ الشباب ونعمة ... كنعمة قوم أصبحوا في ظلالكا
  فقد ألفته النفس حتى كأنه ... لها جسد إن غاب غودرت هالكا
  وحبب أوطان الرجال إليهم ... مآرب قضَّاها الشباب هنالكا
  إذا ذكروا أوطانهم ذكّرتهموا ... عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا
  فما فارق ما في الخاطر مما حرر منشا، وعند قوله: «مآرب قضَّاها الشباب» و «حنوا» يهتز الفؤاد، اللهم بجلالك وعظيم منك يسر لنا العود إلى أوطاننا في نعمة وسعة وعافية أوطان النعيم في الدنيا والآخرة، آمين.
(فصل): في الإحصار عن إتمام ما أحرم له وأسبابه، وحكم من أحصر، وما يتعلق بذلك
  الإحصار لغة: المنع، ومنه {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ٨} أي: مانعاً من الخروج، {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} يعني: ممنوعاً من النساء في يحيى بن زكريا @. واصطلاحا: حصول مانع اضطراري عقلي أو شرعي [منع] عن إتمام أعمال ما أحرم
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).