(فصل): نذكر فيه ما يجب من النكاح، ويحرم، ويندب، ويكره، ويباح، وما يتعلق بذلك من الخطبة وغيرها:
  مَسْألَة: (وتحرم الخطبة) بكسر الخاء المعجمة بواحدة من أعلى، وجاء بالضم، وذلك في أحد وجهين: تعريضاً وتصريحاً، الأول: (على خطبة المسلم) فيحرم على الآخر أن يخطب بعد الأول ويرغِّب بما يرُغب فيه من المال أو حسن العشرة، أو نحو ذلك من زيادة في المهر أو غيره ولو كان الأول فاسقاً أو كان الآخر قريباً لها أو علويّاً أو نحو ذلك من زيادة الشرف لعلم أو نحوه؛ لاتفاقهما في الإسلام وثبوت حق الخاطب الأول بالخطبة، فيحرم على الثاني أن يخطب بعده، كما يحرم على المرأة أن تعرض نفسها لرجل قد رغب في غيرها وخطبها بعد التراضي ولو كانت ليست بخامسة له، كما يحرم على الرجل، وكذا لو رغبت في رجل(١) فأجابها وتحته ثلاث غيرها وهي له رابعة، أو لم يرد الزيادة على واحدة، - فإنه يحرم على غيرها أن تعرض نفسها عليه؛ لما في ذلك من الإفساد على(٢) الأولى، وهو وجه النهي.
  وإنما تحرم الخطبة على خطبة المسلم (بعد التراضي) مع الخطبة الأولى بين الخاطب والبالغة العاقلة إذا كان الخاطب الأول كفؤاً لها، ولا عبرة بالتراضي بين الخاطب والولي وإن كان العرف بالخطبة من الولي، إلا أن يكون رضا المرأة تابعاً لرضا الولي فقد حصل التراضي بينه وبين المرأة. وإن لم يكن الأول كفؤاً اعتبر التراضي بين الخاطب والمرأة مع رضا الولي؛ إذ له حق، وفي الصغيرة يعتبر رضا وليها، والأمة رضا سيدها، فمتى قد حصل التراضي كذلك حرم على الآخر أن يخطب. وإذا خطب الأول خمس نسوة ورضين به فإنه يحرم على الآخر أن يخطب أيتهن حتى يتزوج بأربع منهن، فيجوز بعدُ؛ لتحريم الخامسة، أو يأذن له الخاطب الأول، فيظهر من هذا أن من معه أربع نسوة لم يطلق أحدهن وخطب خامسة أنه يجوز لآخر أن يخطبها؛ لتحريمها على الخاطب الأول. وأما قبل التراضي بين الخاطب وبين من اعتبر رضاه ممن مر فإنه يجوز للآخر أن يخطب هذه المرأة ولو قد خطبت، كما يجوز الهجوم
(١) في المخطوطات: لرجل. والمثبت من هامش شرح الأزهار.
(٢) في المخطوطات: من فساد الأولى. والمثبت من هامش شرح الأزهار.