تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): نذكر فيه ما يجب من النكاح، ويحرم، ويندب، ويكره، ويباح، وما يتعلق بذلك من الخطبة وغيرها:

صفحة 12 - الجزء 3

  على خطبة من لم يدر هل خطبت أم لا، ومن خطبت ولم يدر هل قد أجيب الخاطب الأول أم لا فإنه يجوز للآخر خطبتها؛ إذ الأصل الإباحة حتى يعلم - لعله أو يظن - التراضي بينها والأول، ودليل جواز أن يخطب المرأة رجلان أو أكثر قبل المراضاة لأحدهما ما روي أن فاطمة بنت قيس لما فرغت من العدة أتت النبي ÷ فذكرت له أن معاوية لعنه الله وأبا جهم خطباها، فقال ÷: «أما أبا جهم فلا يضع العصى عن عاتقه» وهي كناية عن كثرة السفر أو الضرب لأهله على اختلاف في ذلك، «وأما معاوية فصعلوك» يعني: فقيراً «ولكن انكحي أسامة» فنكحته فجعل الله فيه خيراً كثيراً، واغتبطت به، فدل ذلك على جواز الخطبة على الخطبة قبل المراضاة، وهو نص في المقصود، والله أعلم.

  (و) الوجه الثاني مما تحرم فيه الخطبة: وذلك خطبة المرأة المزوجة، وكذا المطلقة رجعيا وهي (في العدة) من ذلك الطلاق الرجعي.

  ففي هذين الوجهين تحرم الخطبة على المسلم تعريضاً وتصريحاً (إلا) أنه يجوز (التعريض) بالخطبة فقط، وذلك (في المبتوتة) كالمطلقة ثلاثاً أو خلعاً أو مفسوخة أو متوفى عنها أو معتدة عن لعان، ففي هذه يجوز التعريض، لا التصريح فلا يجوز، ومثلها المستبرأة حيث يحرم العقد عليها⁣(⁣١)، كأم الولد والمنكوحة باطلاً فإنه يحرم التصريح في حقها كالمبتوتة، ويجوز التعريض فقط في حق المبتوتة؛ لئلا تكون الخطبة حاملة لها على الكذب بانقضاء عدتها وليس كذلك، ولا فرق بين أن يكلمها بذلك مشافهة أو كتابة أو رسالة، والممنوع من الخطبة في هذه الصورة هو حيث تعلم المرأة؛ بأن يخطبها بنفسها أو يخطب إلى وليها مع أنها تعلم بذلك، لا إلى الولي من دون أن تعلم المرأة فإن ذلك جائز.

  وكيفية التعريض الجائز في حق المبتوتة أن يقول: إذا انقضت عدتك فلرب راغب فيك، أو يقول: إن رجلاً يريد الزواج وهو محتاج إلى زوجة


(١) لا الحامل من زنا فيجوز.