(فصل): في بيان من يحرم نكاحها من النساء
  بالحرة على الأمة فلا بأس بذلك، فلو عقد بهما في عقد واحد وهو حر صح نكاح الحرة لا الأمة، وإن كان عبداً صح نكاحهما معاً؛ إذ الممنوع الإدخال، وليس كذلك في هذه الصورة، قلت: وكذا لو كانت الأمة تجوز للحر بأن لا تحصنه الحرة فيصح العقد عليهما معاً(١).
  فَرْعٌ: فلو تزوج بأمة بغير إذن مولاها - يعني: عقد عليها - ثم تزوج حرة، ثم أجاز السيد لم يصح العقد؛ لأنه لم يتم إلا بالإجازة، وهي لم تحصل إلا وقد تحته حرة فلم يصح العقد على الأمة وإن كان متقدماً، وكذا لو استطاع من نكاح الحرة قبل الإجازة من السيد فإنها لا تصح إجازة السيد؛ لامتناع تزويج الحر بالأمة مع الاستطاعة على الحرة كما ستعرف ذلك قريباً إن شاء الله تعالى. ولو عقد بحمل حرة ثم تزوج بأمة كان نكاح الأمة موقوفاً، فإن انكشف الحمل أنثى بطل نكاح الأمة، أعني: تبين عدم صحته، وإن انكشف ذكراً صح نكاح الأمة حيث يكون الزوج عبداً أو حرّاً وهي تحل له بما ستعرفه.
  (و) الثانية عشرة: أن يعقد بالأمة (لحر) خالص، لا المكاتب فتحل له، وأما الحر فهي لا تحل له الأمة (إلا) بشرطين فتحل: الأول: أن يعقد بها (لعنِت) بكسر النون، وهو صفة للشخص، والمراد إلا لشخص عنت، والعنِت المراد به هنا هو من يخشى الوقوع في المحظور بالزنا أو مقدماته ولو بالنظر أو التقبيل إن لم يتزوج بالأمة، وأصله قوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ}، قال في الكشاف: أي: خاف الإثم الذي تؤدي إليه غلبة الشهوة، وأصل العنت انكسار العظم بعد الجبر، فاستعير لكل مشقة وضرر، ولا ضرر أعظم من مواقعة المآثم(٢).
  (و) الشرط الثاني: أن يكون ذلك الحر مع خشية العنت (لم يتمكن من) نكاح (حرة) مسلمة عفيفة كفؤة تحصنه، إما لعدم الحرة رأساً، أو عدم وجود من يزوجه
(١) ينظر في هذا.
(٢) في المخطوطات: من مدافعة الإثم. والمثبت من الكشاف وهامش شرح الأزهار.