تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في شروط حل البضع بالنكاح:

صفحة 64 - الجزء 3

  أو الكتاب مقام الكاتب أو المرسل، ويقع القبول من المرسل إليه عند لفظ الرسول أو قراءة الكتاب في حضرة شاهدين مجتمعين؛ لما يأتي أنها تقام عند المكتوب إليه، فلو قرأ الكتاب أو تكلم الرسول وهو - أعني: المكتوب إليه - وحده صح بعد أن يقرأه على الشهود أو يعيد اللفظ المرسل؛ لأن لفظ الرسول أو الكتاب كالتكرير من الكاتب، فينعقد النكاح باللفظ الآخر عند إقامة الشهود، ما لم يعرض بعد قراءة الكتاب أو لفظ الرسول ثم يقبل أو يوجب فإنه لا ينعقد بهذا القبول بعد الإعراض بعد قراءة الكتاب، فلعله لابد أن يقرأ الكتاب مرة ثانية فيقبل أو يوجب بعد ذلك، وكذا لفظ الرسول، ويصح بعد إعادة ذلك. فلو قال: لا أزوج أو لا أتزوج فإن لم يجر عرف بأن الامتناع رد صح بعد ذلك أن يتزوج أو يزوج، وإن جرى العرف بأنه رد لم يصح بعد ذلك أن يزوج أو يقبل كما لو قال: رددت، فإنه لا يصح القبول بعد الرد، والله أعلم، ولعله ولو أعاد اللفظ الرسول أو أعاد قراءة الكتاب، فتأمل.

  فَرْعٌ: والكتابة صريح في النكاح وفي البيع؛ لأنه عقد بينه وبين غيره، فلا كناية فيهما ولا يعول على النية فيهما، بخلاف الطلاق واليمين فهي كناية فيهما؛ لأنهما لفظ بينه وبين نفسه فكان لنيته حكم فيهما، ويلحق بذلك الخلع - أعني: بالطلاق - فيصح بالكناية تبعاً وإن كان عقداً بينه وبين غيره كالبيع، فلا تنخرم به القاعدة، بل يقع الطلاق؛ إذ هو منه، لا يقال: الطلاق بينه وبين غيره فهو يرد عليه ذلك؛ لأنه لما صح انفراده به من دون رضا منهما كان كاليمين، وهو يخالف البيع والنكاح، والمراد أن الكتابة صريح في البيع والنكاح، وفي اليمين والطلاق وكذا الخلع كناية، فتأمل. وهو يفرق بين الرسالة والوكالة من وجهين: أحدهما: أن الموكل يقول للوكيل: تزوج لي أو اقبل عني، والمرسل يقول: قل لفلان يزوجني.

  الثاني: أن الوكيل يقول: تزوج مني لفلان أو تزوجت لفلان، وفي القبول يقول: قبلت لفلان أو عنه، والرسول لا يحتاج إلى قبول رأساً ولا إضافة.

  مَسْألَة: (و) الإيجاب والقبول يصحان (من المصمت) وهو الذي تعذر عليه النطق لعارض بعد أن كان يتكلم (و) كذا من (الأخرس) وهو الذي لم يتمكن من النطق من مولده، فمن تعذر منه النطق لذلك صح منه الإيجاب أو القبول