(فصل): في ذكر المهر وما يتعلق به من الأحكام:
  تزوجتك على ذلك أو على عتقك وأعتقتك عتقت في هذه الصورة ولا شيء، فلو لم يقل: وأعتقتك بل قال: تزوجتك على عتقك أو على ذلك فإنها لا تعتق؛ لعدم إنشاء العتق منه، بل أجابها على التزويج فقط. وإنما لم يلزمها شيء؛ لأنه جعل الجواب «تزوجتك» وكان قوله: «وأعتقتك» كلاماً مستأنفاً، ولم يقع التزويج؛ لأنه وقع [قبل](١) العتق، والسيد لا يصح أن يتزوج أمته.
  مَسْألَة: وإذا أعتقت المرأة عبدها على أن يتزوجها وقَبِلَ صح، وإذا تزوج بها لزمه المهر لها: إما وسمى أو مهر المثل، وإن امتنع من التزويج لزمه قيمته لها؛ لفوات غرضها ولو كان غير مال، وإن امتنعت هي منه فلا شيء لها، والفرق بينها وبين السيد إذا امتنع من التزويج بأمته: أنه هناك أعتق الأمة على مال هو قيمتها إن لم تزوج به، وأما هي فهو غرض، فإذا امتنعت من التزويج فقد أسقطت ما في مقابل العتق، وهو الغرض. ولو أرادت المرأة أن تجعل الحيلة إن خافت ألا يتزوجها العبد فتقول: إن كان في علم الله أني إذا أعتقتك تزوجت بي فقد أعتقتك على أن تنكحني، فإذا امتنع العبد بعدُ لم يعتق؛ لأن العتق مشروط بعلم الله أنه يتزوج بها، وانكشف عدم حصول علم الله تعالى بذلك.
  فَرْعٌ: وأما من قال لزوجته: إن كان في علم الله أني إذا طلقتك لم تزوجي غيري فأنت طالق فإنه لا يعلم وقوع الطلاق حتى تموت الزوجة ثم يتبين أنها طلقت من يوم طلقها إن كانت صغيرة أو مجنونة، لا في الكبيرة الحائل فمن يوم العلم، وهذا بالنظر إلى وقوع الطلاق، لا الرجوع بالنفقة فلا يستحقه الزوج عليها. وكذا لو قال: إن كان في علم الله تعالى أنك لا تتزوجي فلانا فأنت طالق، فإنه لا يعلم صحة طلاقها حتى يموت الفلان أو تموت هي أو يقع ما يوجب التحريم بينهما، كزواجته بأمها أو بنتها، ويتأمل هذا الفرع من أوله.
  مَسْألَة: ولا بد أن يكون ما سمى مهرا من مال أو منفعة (مما يساوي عشر قفال)
(١) ما بين المعقوفين من هامش البيان نقلاً عن الغيث.