(فصل): في ذكر العيوب التي يفسخ بها النكاح:
  بعض فصول السنة فيتبين بذلك أنه ليس بعنين وإنما ضعف داعيه لعارض، فوجب ذلك الإمهال، وفصول السنة أربعة: الشتاء والربيع والصيف والخريف، وهي تختلف طبائعها وتجانس وتلائم بعضها من وافقت طبيعته لطبيعة ذلك الفصل، فالشتاء بارد يابس يناسب من غلب عليه الدم؛ إذ طبيعة الدم حار رطب فيتعادلان، والربيع حار ليِّن يكثر فيه الدم يناسب من غلب عليه السوداء، وطبيعة السوداء باردة يابسة فتعادل ذلك الفصل هذه الطبيعة، والصيف حار يابس تهيج فيه الصفراء ويناسب من غلب عليه البلغم، وطبيعة البلغم بارد رطب فيتعادلان، والخريف بارد لين يهيج فيه البلغم وتكثر فيه السوداء يناسب من غلب عليه الصفراء، وطبيعة الصفراء حارة يابسة فيتعادلان، فإذا أمهل العنين هذه المدة فقد تناسب بعض الفصول، فإذا احتركت شهوته في بعضها وإلا فسخ الحاكم نكاح هذه المرأة منه؛ لبيان العنة بعد الإمهال. (غير أيام العذر) فلا يحتسب بها لو عرضت لهذا الرجل في أثناء السنة وجب أن يمهل حتى يستكمل مثل تلك الأيام الذي حصل معه العذر عن الوطء فيها ويمهل أياما مثلها من ذلك الفصل الذي حصل العذر فيه؛ لجواز أنه المناسب لطبيعته، وأيام العذر: هي أيام المرض في أيهما، والغيبة في أيهما، وأيام التشريق من الزوجة، وأيام الإحرام من أيهما، ويحتسب بأيام رمضان؛ لإمكان الوطء فيه ليلا، وأيام الحيض، وينظر على أصل القايل. وإذا ادعى الرجل بعد السنة أنه قد وطئها فيها فالقول قولها والبينة على الزوج؛ إذ الأصل عدم الوطء، فإن كانت ثيبا فعلى إقرارها، وإن كانت بكرا نظرت إليها عدلة، فإن قالت: إنها بكر فسخ نكاحها، وإن قالت: هي ثيب قبل قوله مع هذه العدلة مع يمينه أيضاً، فإن لم يحلف فسخ. وإن ادعى الوطء قبل المرافعة وأنكر قولها: إنه عنين قبل قوله مع يمينه [فإن نكل أجل، هذا في الثيب، وفي البكر تنظر إليها عدلة، فإن قالت: هي ثيب قبل قوله مع يمينه](١)، وإن قالت: هي بكر أجل سنة كما مر. وحيث يثبت أنه عنين فإن تراضيا على الفسخ بذلك وإلا احتيج إلى الحاكم للفسخ، ولا يقع الفسخ إلا بالحكم، فتأمل.
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).