تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في الكفاءة في الأنساب وغيرها:

صفحة 179 - الجزء 3

  والكفاءة لغة: المماثلة، ومنه {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفَؤًا أَحَدٌ} وهو يقال هنا: ضابط الكفاءة: أن كل وضيع حرفة أو نسب إذا اتصف بخصلة من خصال الكمال بما تزول معه الغضاضة المؤثرة في سقوط الكفاءة عرفا فهو كفؤ للرفيع⁣(⁣١)، وإلا فلا، فالعلة هي الغضاضة، يدور الحكم بدورانها وجودا وعدما، فتأمل في هذا فمعناه أن ذا النسب الدنيء أو الحرفة الدنيئة إذا تخلق بخصلة رفيعة سقط ذلك الوضع الذي في نسبه أو حرفته عرفا تزول معه الغضاضة، وذلك كالجزار إذا تخلق بالعلم ونحوه من خصال الشرف، ولعله قد لا تزول معه الغضاضة في عرفنا، والمعتبر العرف في ذلك، فتأمل، والله أعلم.

  (و) أما (الكفاءة في الدين) فهي (ترك الجهار بالفسق) فلا يكفي الإسلام فقط، ولا يعتبر الورع والزهد، ولا يضر التكتم بالفسق ولا فسق التأويل ولو حارب الإمام؛ إذ هو يعتقد جوازه. وإنما اعتبرت المجاهرة بالفسق إذ لا غضاضة في التستر ولو كان الولي مستيقن⁣(⁣٢) ذلك من الزوج. ومهما كان مجاهرا فإنه يثبت للآخر فسخه، لعله وإن كان مثله فاسقا، ويتأمل، وسواء كان ذلك الفسق⁣(⁣٣) بالزنا والشرب أو بالظلم أو بإفطار رمضان أو غيرها من سائر المعاصي. وهو يعتبر في المجاهرة بالفسق حالة العقد إلى وقت الفسخ، فلو تاب عن الفسق الحاصل وقت العقد فلا فسخ بعد ذلك، وإذا⁣(⁣٤) لم يكن حاصلا وقت العقد إلا أنه حصل وقت الدخول كان للآخر فسخه بذلك، والله أعلم. وإن عرض الفسق في الزوج بعد التزويج والدخول فإنه لا يتجدد بذلك خيار للمرأة، فافهم، ولعله يسقط خيار الآخر إذا عقد وهو عالم أو دخل، فيتأمل⁣(⁣٥).


(١) في المخطوطات: للزواج. والمثبت من هامش شرح الأزهار والوابل.

(٢) في (ج): «متيقن».

(٣) في (ج): «لفسق».

(٤) في (ج): «فإذا».

(٥) في (ج): «فتأمل».