تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في الجمع بين الأختين ونحوهما في الملك والوطء، وحكم تدليس الأمة على الحرة:

صفحة 255 - الجزء 3

  النكاح مع التدليس لا يصح، فإن علمت أنه حرام فلا شيء لها؛ لأنها زانية، وسواء كانت ثيباً أو بكراً، إلا أن تكون مكرهة فإنه يلزم الزوج نصفه؛ لأنه زانٍ مع علمه، لا مع جهله فيلزمه المهر كاملاً؛ لجهله وإكراهها سواء كانت بكراً أم ثيباً. وإن دلست بالإذن ولم تكن مأذونة فمع جهلها للتحريم مع عدم الإذن يلزم بالوطء مهر المثل سواء كانت بكراً أم ثيباً، ومع علمها بأن النكاح من دون إذن لا يصح لا يلزم المهر؛ لأنها زانية وتحدّ، ولا يجتمع الحد والمهر، وسواء كانت بكراً أم ثيباً، إلا أن تكره وهي بكر مع علم الزوج فنصف؛ إذ هما زانيان معاً، والله أعلم.

  والثالث: أنه لا يرجع بما سلمه من المهر على أحد وإن كان التدليس جناية من المرأة، لكنه قد استوفى ما في مقابل المهر وهو وطؤها.

  (و) الرابع: أنها إذا ولدت هذه الأمة منه (لحقه ولدها) ولو لم يدعه؛ إذ هي زوجة، فيكون الولد حر أصل لا يثبت عليه الولاء لأحد، وسواء كان الزوج حراً أم عبداً؛ لأجل التغرير، وهذا حيث يكون التدليس منها بالحرية، فلو لم يكن تدليس منها ولا من غيرها بل ظنها حرة فتزوجها فإن الولد يكون مملوكاً لسيدها، أو دلس بالحرية غيرها فكذا أيضاً يكون الولد مملوكاً لسيدها، أو كانت هي المدلسة لكن بالإذن لا بالحرية فقد علم الزوج أنها مملوكة فإنه يكون مملوكاً أيضاً؛ لعلم الزوج بملكها. فهذه ثلاث صور يكون الولد مع التدليس فيها مملوكاً، وقد جعلناها قيوداً في لحوقه بالأب ومصيره حراً فقلنا: حيث دلست هي بالحرية، فافهم.

  (و) الخامس: أنه إذا لحق الولد بالزوج كان (عليه قيمته) لأنه استهلكه على مالك الأمة بالحرية، وقيمته تكون يوم الولادة؛ إذ هو أول وقت يقوّم فيه، فإن لم يكن له ذلك الوقت قيمة فأول وقت يكون له فيه قيمة، فيسلمها الزوج لسيد الأمة، وكذا ما تعدد الأولاد فيلزم قيمتهم جميعاً؛ لذلك.

  والسادس: أن للزوج الرجوع بما قد سلم من قيمة الأولاد على سيدها؛ لأن ذلك بجنايتها، وهو التدليس منها، وهو مراد الإمام | بقوله: (إن سلمت) له الأمة (بجنايتها) إذ جناية العبد تتعلق برقبته، فيخير مالكها بين تسليمها للزوج وأخذ قيمة