تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب) في استبراء الإماء

صفحة 275 - الجزء 3

  واليوم الآخر أن يسقي بمائه زرع غيره - يعني: إتيان الحبالى - ولا يحل لمؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها». ووجه وجوب الاستبراء على البائع أنه يجب على من أراد استباحة الوطء، وكذا⁣(⁣١) من أراد أن يبيعه؛ ولذا لم يفرق بين المرأة وغيرها.

  والحكمة في شرعية الاستبراء دفع اختلاط الأنساب، وطرد⁣(⁣٢) في حق المرأة والصبي الحكم؛ ميلاً إلى الحكمة التي قصدها الشارع كما في العدة في حق الصغيرة وإن لم يظن فيها لأجله شرعت العدة من العلم بخلو الرحم، وكما حرم قليل المسكر وإن لم يسكر؛ ميلاً أيضاً إلى الحكمة التي قصدها الشارع في كثير المسكر.

  تنبيه: فإن لم يستبرئها البائع قبل أن يبيعها فالبيع فاسد لا باطل، وكذا إذا زوجت الأمة قبل ذلك كما يأتي قريباً أنه يجب الاستبراء للعقد، ومع الجهل فقط لا مع العلم فهو باطل، وأما الهبة والنذر والصدقة قبل الاستبراء فباطل مطلقاً مع العلم والجهل؛ لأنه لم يذكر في⁣(⁣٣) هذه الأشياء إلا صحيح وباطل فقط، ولا فاسد فيها؛ ولذا كانت [هبةُ] الأعيان الفاسدةُ مع قبض المتهب إباحة، فهو مبني على أن فاسد الهبة باطل، وكذا ما عطف على الهبة، فتأمل.

  فَرْعٌ: والاستبراء لا يحتاج إلى نية، فلو عزم على البيع أو نحوه وحاضت حيضة بعد العزم كان استبراءً؛ فيجوز البيع بعدها. والاستبراء لا يبطل بالإضراب ما لم يطأها [بعده] وجب الاسئناف. وإذا استبرأ لأمر جاز أن يفعل غيره، كأن يسبرئها للبيع فأضرب عنه وأراد الهبة أو تزويجها جاز من دون استبراء للآخر.

  فَرْعٌ: وإذا اختلف مذهب البائع والمشتري في وجوب الاستبراء فالعبرة بمذهب البائع ونحوه؛ لأنه لا بد أن يكون الإيجاب صحيحاً، وهو يحصل إذا كان مذهب البائع عدم وجوب الاستبراء.


(١) في (ج): «فكذا».

(٢) في (ج): «فطرد».

(٣) في (ج): من.