تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الغسل)

صفحة 164 - الجزء 1

  إن قيل: لم صححتم الغسل الأول من حيث إجازتكم للصبي مس المصحف وغير ذلك مما يمتنع المحدث أكبر منه، فهلّا قلتم ذلك الغسل باطل فلا يحل ما يترتب على صحته، أو جعلتموه صحيحاً؛ إذ قد أحللتم ما يترتب على صحته فلا يلزم الإعادة بعد البلوغ؟

  نقول: هو إذا التزم مذهب من لا يصحح نية الصغير كما هو المذهب كان حكمهما حكم المجتهد إذا رجع عن الاجتهاد ولَمَّا يفعل المقصود به لزمه أن يعمل بالاجتهاد الثاني، فيلزمهما الإعادة للغسل؛ لذلك، والغسلُ إنما يفعل للصلاة الواجبة، ولا صلاة عليهما واجبة إلا بعد البلوغ، فكأنهما لم يفعلا المقصود به؛ ولذا⁣(⁣١) لزمهما الإعادة، والغسل الأول صحيح فيما فعل له من لمس مصحف ونحوه فيعمل به فيه، كالمجتهد يعمل باجتهاده الأول قبل تغير الاجتهاد، وأما إذا التزم الصغير بعد⁣(⁣٢) بلوغه مذهب من يصحح نية الصغير فإنها لا تلزمه الإعادة للغسل؛ عملاً بمذهبه من صحة نية الصغير، وكذا إذا لم يلتزم بعد البلوغ مذهباً رأساً فإنه كذلك لا تلزمه الإعادة للغسل⁣(⁣٣)؛ لأنه يصير بذلك - يعني: من لا مذهب له - حكم المجتهد فيما قد فعله؛ فعلى هذا من بلغ من صبيان فقهاء الهدوية فإن كان عند البلوغ قد عرف صفة التقليد وصفة من يقلّد فقد صار مذهبه مذهب شيعته من عدم صحة نية الصبي، فتلزمه الإعادة إذا كان قد أحدث قبل البلوغ، فيعيد بعد البلوغ، أو يبلغ ملتزماً هذا المذهب كما قد يقع كلا هذين الأمرين في أكثر طلبة العلم، وإلّا لم تلزمه الإعادة، ومبنى المسألة - وهي وجوب الإعادة للغسل من الصبي بعد بلوغه لحدثه قبل البلوغ - على أصولٍ: منها: صحة الجنابة منه، ووجوب النية في الغسل، وعدم صحتها من الصبي، والتزامه بعد البلوغ مذهب من لا يصحح النية منه.


(١) في (ب): «وإذا».

(٢) في (ب): «قبل».

(٣) في (ب): «إلا إعادة الغسل».