تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في حكم أنكحة الكفار وحكم من أسلم منهم عن زوجات له

صفحة 319 - الجزء 3

  ذمي، وأما ما خالف الإسلام قطعاً بأن لا يقول به أحد من علماء الإسلام، كنكاح المتعة لانقراض المخالف فيه - وإنكاح من قد طلقها ثلاثاً متخللات الرجعة، والجمع بين الأختين أو نحوهما، أو إنكاح رضيعة أو غيرهما⁣(⁣١) ممن تحرم بإجماع علماء الإسلام - فإنهم لا يقرون على ذلك النكاح سواء أسلموا أم بقوا في الذمة، وسواء ترافعوا إلينا أم لا، فيفرق بين الزوجين بتلك الصفة، وسواء كان ذلك النكاح لا يصح في شرعهم أو كان يصح أيضاً - كالأخت لأب فقد يحللون إنكاحها عندهم، في الكشاف: {وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ}⁣[مريم ٥٩] هو تزويج الأخت لأب - فيفرق بينهم في ذلك النكاح؛ لقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ}⁣[المائدة ٤٩]، وإذ من شرط الذمة التزام ما حكم به المسلمون، فيجب إبطال ما خالف إجماع المسلمين وإن لم يترافعوا إلينا؛ للقطع بأنها منكر، ولا دليل على جواز تركهم لفعل ذلك المنكر، ما عدا ما أقروا عليه من الخمر والخنزير فيحكم بينهم فيها بوجوب الضمان إن ترافعوا إلينا. وأما ما كان يصح في شرعنا وعندهم فإنهم يقرون عليه وإن لم يقل به بعض العلماء في شرعنا، وما كان يصح في شرعنا دونهم كامرأة الأخ ليس لها ولد فإذا دخلوا في ذلك لم يعترضوا ولو لم يصح في شرعهم؛ لموافقة الإسلام، كما لا يعترضون لو تركوا ما هو واجب في ملتهم كالسبت ونحوه، ويروى أن اليهود لعنهم الله تعالى يجيزون نكاح بنت الأخ لأب مع تجويز نكاح زوجة الأخ إذا كان لها ولد، بل يجب عندهم، فيلزمهم على هذا أنه يجوز أن يتزوج ابنته.

  والمسألة على صور أربع:

  ما يصح عندنا وعندهم، فيقرون عليه.

  ما لا يصح عندنا ولا عندهم، أو لا يصح عندنا فقط، فلا يقرون على ذلك ترافعوا أم لا.

  وما يصح عندنا لا عندهم، فيقرون عليه، والله أعلم.


(١) في (ج): «نحوهما».