(فصل): [في الطلاق المعلق بوقت]
  سؤال: ورد على فقهاء بغداد فيمن قال: إن لم يحج هذا العام فامرأته طالق ثلاثاً، ثم قال: إن حنثت في يميني هذه فأنت طالق قبل حنثي ثلاثاً؟
  الجواب: على المختار للمذهب أن اليمين الأولى الجزاء فيها متأخر عن الشرط فيحنث فيها بعدم الحج، ويقع طلقة واحدة، واليمين الثانية من باب التحبيس لا تقع؛ لأن فيها تقدم المشروط على شرطه؛ فلا تكون مانعة من وقوع الطلاق من اليمين الأولى. فإن قال: «أنت طالق قبيل أن يقع عليك الطلاق المشروط» امتنع المشروط، ولا يمتنع الناجز، والله أعلم.
  مَسْألَة: (ومهما) علق طلاق امرأته إن وقع كذا و (لم يغلب) في ظنه (وقوع) ذلك (الشرط لم يقع المشروط) وهو ذلك الطلاق؛ لتيقن بقاء النكاح، فلا يرتفع بالشك، بل لا بد من الغلب بوقوع الشرط أو الظن، ومثال ذلك: لو رأى طائراً فقال: «إن كان هذا غراباً فامرأته طالق» فطار ذلك الطائر قبل أن يعلم هل هو غراب أو غيره بعلم ولا ظن، فإن زوجته لا تطلق؛ لأن الأصل عدم الطلاق وإن حصل له شك بأنه غراب، لكن يستحب له رفع ذلك الشك بطلاق مشروط، فيقول: إن لم يكن غراباً فهي طالق، وإنما قلنا: يرفعه بطلاق مشروط لئلا تقع(١) طلقة على طلقة. فلو ادعت المرأة أنه غراب فعليها البينة، ولها تحليفه ما يغلب في ظنه ذلك، ويجوز له الحلف استناداً إلى الظاهر إن لم يحصل له ظن، وإلا لم يجز، فإن نكل عن اليمين طلقت، والله أعلم.
  فَرْعٌ: فلو قال: «وإن(٢) لم يكن غراباً فهي عليه كظهر أمه» لم تحل له حتى يرفع الحكمين جميعاً: الظهار والطلاق؛ لوقوع أحدهما قطعاً. لا يقال: إن رفع أحدهما فالآخر(٣) مشكوك فيه، فهو يقال: قد وقع التحريم قطعاً، فلا يرتفع إلا بما يقطع به القطع الأول، وهو رفعهما جميعاً، ولا يكفي(٤) رفع أحدهما فقط.
(١) في هامش البيان (٢/ ٤٤٣): يوقع.
(٢) في المخطوطات: إن. والمثبت من البيان (٢/ ٤٤٣).
(٣) في المخطوطات: بالآخر. والمثبت هو الموافق لما في البيان (٢/ ٤٤٣).
(٤) في (ج): يكون.