تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): [في الطلاق المعلق بوقت]

صفحة 408 - الجزء 3

  فَرْعٌ: فإن قال: «إن كان غراباً فامرأته طالق وإن لم يكن غراباً فعبده حر» فقد وقع أحدهما قطعاً؛ فيعتق العبد ويسعى بنصف قيمته، ويحرم عليه وطء الزوجة، ولا تخرج منه إلا بطلاق؛ لما قلنا في الفرع المتقدم: إنه لا يرتفع اليقين الأول إلا بيقين آخر، وهو لا يحصل إلا بما قلناه.

  فَرْعٌ: فلو قال: «وإن لم يكن غراباً فامرأته الثانية طالق» وقعت طلقة ملتبسة بينهما؛ فلا يقربهما حتى يرتفع اللبس، فلا يخرجان منه إلا بطلاق، ولو حقق الطلاق في إحداهما⁣(⁣١) فلا يقال: تصير الثانية مشكوكاً فيها، بل قد وقع الطلاق يقيناً فلا تخرج منه إلا بيقين بما ذكرنا. ولو كان المعلق على ذلك عتق عبده وعتق أمته عتقا جميعاً وسعيا في الأقل من القيمتين، ويقسم على قدر ذلك، مثاله: لو كان قيمة العبد خمسين وقيمة الأمة مائة سعيا في خمسين أثلاثاً: تسعى الأمة بثلثيها، والعبد بثلث، فتأمل.

  فَرْعٌ: فلو كان المعلق بذلك الطائر شخصين فطلاقان⁣(⁣٢) لم يقع أيهما؛ لأن الأصل عدم الطلاق بالنظر إلى كل واحد منهما، وكذا طلاق وعتق أو صدقة، وإن كان عتق عبدين لم يعتق أيهما حتى يجتمعا في ملك شخص فيعتقان عليه، ويرجع على كل من البائعين إذا جهل، وذلك بالأرش، أعني: أرش عيب؛ لأن بيع كل واحد منهما مع هذا الوهم عيب [فيه]⁣(⁣٣) تنقص به القيمة، ويلزم العبدين السعايةُ للمشتري، وذلك بالأقل من قيمتهما، ويقسم بينهما على قدر قيمتهما، فلو كانت قيمة أحدهما خمسين والآخر مائة سعيا بالخمسين، ويلزم من قيمته الأكثر أن يسعى بثلثي الخمسين، ومن قيمته الأقل بثلث. ووجه قولنا: «إنهما يعتقان إذا ملكهما شخص واحد» أنه قد صار أحدهما حرّاً قطعاً، ومع الالتباس يعتقان معاً كما لو كانا من أول الأمر ملكاً لشخص واحد.

  فلو كان المعلق به شخصين عتق عبد بينهما عتق، ولا ضمان على أيهما؛ لالتباس من عليه الحق، ولا سعاية على العبد، إلا إذا هما معسران معاً سعى لكل واحد في نصف


(١) في المخطوطات: أحدهما.

(٢) في (ج): بطلاقين.

(٣) ما بين المعقوفين من هامش البيان (٢/ ٤٤٥).