تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): [في الطلاق المعلق بوقت]

صفحة 414 - الجزء 3

  منهن معينة وراجعها قبل هذه الطلقة الملتبسة ثم فعل ما ذكرنا بقي لها واحدة فقط، وللبواقي ثنتان⁣(⁣١)، فلو كان الطلاق الأول ملتبساً أيضاً وقد راجع عنه بقين عنده كلهن بواحدة فقط. وهذا بعد المراجعة، لا قبلها فلا تقع هذه الطلقة الأخيرة؛ لأن الطلاق لا يتبع الطلاق.

  فَرْعٌ: فإن كان قد طلق واحدة منهن ثنتين وراجعها قبل الطلقة الملتبسة - حرم عليه وطؤها؛ لجواز أن الملتبسة وقعت عليها، ولا تخرج منه إلا بطلاق، وإذا امتنع من الطلاق وفسخها الحاكم لم يجز له أن يتزوجها قبل أن تنكح زوجاً غيره؛ لجواز أنها مثلثة، وإذا تزوجها بعد التحليل لم يملك عليها من الطلاق إلا واحدة؛ لجواز أن الطلقة الملتبسة وقعت على غيرها. وهذا كله تغليب للأرجح، فإذا وطئها قبل أن يطلقها فلا حد عليه، ولا مهر أيضاً؛ لقوة الشبهة في الحد، والأصل براءة الذمة في لزوم المهر. فلو التبست بهن الجميع حرم عليه وطؤهن الكل، ولا يخرجن منه إلا بطلاق كذلك، وإذا وطئهن الكل فكذلك، ولا مهر أيضاً لذلك، ولا يجب عليه حد؛ لأنه لا يعلم أن الطلقتين⁣(⁣٢) الأولتين والثالثة الملتبسة وقعت كلها على واحدة منهن، بل يجوز ذلك ويجوز خلافه، ومع التجويز لا يجب شيء؛ لأن الأصل عدم الوجوب؛ وإنما يجب المهر إذا كان قد طلقهن الكل ثنتين ثنتين ثم أوقع هذه الطلقة [الملتبسة]⁣(⁣٣)، فإذا وطئهن الكل فقد لزمه مهر الموطوءة المطلقة بائناً قطعاً، [فيلزمه مهر واحدة بينهن، فإن اختلفت مهورهن] فيلزم أقل مهورهن؛ لأن الأصل براءة الذمة من الزائد، ويقسم بينهن على قدر مهورهن كما مر، فتأمل؛ وقد حرمن عليه جميعاً، ولا يخرجن منه إلا بطلاق كما مر، فإن خرجن بطلاق وعادت إحداهن بعد زوج ملك عليها ثلاث تطليقات، وإن خرجن منه بفسخ الحاكم عادت إليه بعد الزوج في طلقة واحدة، والله أعلم.


(١) في (ج): «اثنتان».

(٢) في المخطوطات: أن المطلقة من الأولتين. والمثبت من البيان (٢/ ٤١٧).

(٣) ما بين المعقوفين من البيان.