(فصل): في بيان الحلف بالطلاق:
  «إن حلفت بطلاق هند فأنتما طالقتان، وإن حلفت بطلاقكما فهند طالق» فقد صار بهذا اللفظ الآخر حالفاً بطلاق هند فطلقتا(١)، فتأمل، والله أعلم.
  مَسْألَة:(٢) وإذا قال للمدخول بها وغير المدخول بها: «كلما حلفت بطلاقكما فأنتما طالقتان» وكرره ثانياً من غير قصد للتأكيد طلقتا واحدة واحدة، وإن كرره ثالثاً(٣) لم يقع بالثالثة شيء؛ لأن قد بانت التي لم يدخل بها فلا يصح الحلف بطلاقها، وشرط طلاق الثانية أن يقع الحلف بهما معاً، فتأمل.
  مَسْألَة: (ويتقيد) الطلاق المحلوف به وغيره (بالاستثناء) لعدم وقوعه في حالة أو استثنى بعضه، وسواء استثنى باللفظ أو بالنية، وذلك مع مصادقة الزوجة أنه استثنى بالنية، وإلا فلا. ويصح أن يكون المستثنى متقدماً على المستثنى منه، كـ: أنتن(٤) إلا فلانة طوالق، وأنت إلا أن تدخلي الدار طالق، ونحو ذلك، ومنه أنت إلا اثنتين طالق ثلاثاً، فيصير سنياً بوقوع واحدة فقط، وقد جاء منه قول الكميت:
  وما لي إلا آل أحمد شيعة ... وما لي إلا مشعب الحق مشعب
  ومثال تأخره: أنت طالق إن كلمت زيداً إلا ضاحكة، فلا تطلق إن كلمته كذلك، ولو ضحكت لغير سبب، أو سبب منها أو من غيرها، وأقل الضحك التبسم، فلا تطلق إن كلمته متبسمة، ومنه: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا}[النمل ١٩].
  وإنما يصح الاستثناء بشرطين، الأول: أن يكون (متصلًا) بكلامه، ولا يمنع الاتصال ما عرض له من تنفس أو بلع ريق أو بدور قيء أو سعال أو عطاس، وسواء كان حال ذلك عازماً على الاستثناء فله ذلك وإن منعه العطاس ونحوه من الكلام. فإن تم كلامه وسكت بمقدار ما يسع الاستثناء ولم يستثن لم يصح استثناؤه من بعد؛ لعدم اتصالها بالكلام الأول ولو كان ذلك السكوت لتذكر ما يستثني فلا يستثنى له
(١) في المخطوطات: مطلقا. والمثبت من البتسان (٣٩٨) وهامش البيان (٢/ ٤٧٣) نقلاً عنه.
(٢) هذه المسألة ساقطة من (أ).
(٣) في (ج): ثلاثاً.
(٤) في المخطوطات: كأنت.