(فصل): في بيان الحلف بالطلاق:
  ذلك؛ لذلك.
  والشرط الثاني: أن يكون باستثنائه (غير مستغرق) لما قد تكلم به أولاً. ولو استثنى الأكثر من المطلقات أو التطليقات، كأنتن طوالق إلا اثنتين منكن، أو أنت طالق ثلاثاً إلا اثنتين فتقع واحدة، وفائدته أنها تقع سنية. فلو استغرق لم يصح استثناؤه وصح الطلاق الملفوظ به أولاً، كأن يقول: أنتن طوالق - وهن ثلاث - إلا ثلاثاً منكن، فيقع عليهن جميعاً ولا يصح استثناؤه، وكذا لو قال لزوجته: «أنت طالق واحدة إلا واحدة» لم يصح ووقعت طلقة، وكذا «ثلاثاً إلا ثلاثاً» فتقع واحدة بدعية؛ لإيقاعه ثلاثاً في حالة واحدة وإن قلنا: إن الطلاق لا يتبع الطلاق، لكن يصير بدعياً. وكذا لو قال: «أربعكن طوالق إلا فلانة» فإنه يصح الاستثناء أيضاً كما لو قال: «أربعكن إلا فلانة طوالق(١)» ولا يتوهم الفرق بين اللفظين وأنه في الأول كأنه طلق كل واحدة فلا يصح أن يستثني أحدهن، بخلاف تقدم الاستثناء فيصح قبل تمام الكلام، فهما سواء عندنا على الصحيح، فتأمل، والله أعلم.
  فهذان شرطان في صحة الاستثناء، وليس من شرطه أن يكون عازماً على الاستثناء من أول كلامه، فتأمل، وذلك لأن له تتمة [كلامه](٢).
  نعم، وهو يصح الاستثناء في الطلاق (ولو) علق الاستثناء (بمشيئة الله) سبحانه وتعالى فإنه يتوقف وقوع الطلاق أو عدمه على مقتضى ذلك الاستثناء، كأن يقول: أنت طالق إلا أن يشاء الله تعالى عدم طلاقك، فإن كان طلاقها واجباً أو مندوباً أو مباحاً طلقت؛ لأن الله تعالى لا يشاء عدم طلاقها، بل يشاء وقوعه في الواجب والمندوب، ولا يشاء وقوعه ولا عدمه في المباح، وإن كان مكروهاً أو محظوراً لم تطلق. والعكس(٣) لو قال: إلا أن يشاء الله حَبْسَك، فحيث يكون الطلاق مكروهاً أو محظوراً لم يقع الطلاق؛ لأن الله سبحانه وتعالى يشاء إمساكها. فإن قال: «أنت
(١) في المخطوطات: طالق. والمثبت من هامش شرح الأزهار (٤/ ٥٢١).
(٢) ما بين المعقوفين من هامش شرح الأزهار (٤/ ٥٢٣).
(٣) ليس هذا عكساً للأول، بل هو عينه؛ لأن الحبس هو عدم الطلاق.