(فصل): في بيان الحلف بالطلاق:
  طالق إلا أن يشاء الله» فقط ولم يقل: طلاقك ولا حبسك - فذلك يحتمل الأمرين، فيكون له نيته في إرادة أيهما، ويصدق ظاهراً، فأما لو كان مراده إلا أن يشاء الله عدم طلاقك أو لم يكن له نية فيه فهذا هو الظاهر، وحكمه ما مر، وهو أنه إذا كان طلاقها حينئذٍ واجباً أو مندوباً أو مباحاً طلقت، وإن كان محظوراً أو مكروهاً لم تطلق؛ لأن الله سبحانه وتعالى يشاء(١) عدم طلاقها.
  وتعتبر مشيئة الله تعالى في المجلس كغيره - فيقع أو لا - وإن تغير الحكم بعد، فتأمل، والله أعلم.
  (أو) علق الاستثناء بمشيئة (غيره) يعني: غير الله تعالى، فإنه يتعلق بذلك حيث يكون عاقلاً بالغاً أو مميزاً، لا غير مميز أو مجنون فلا يتعلق بمشيئته، وذلك في الإثبات، لا في النفي - نحو: «إلا أن يشاء فلان عدم طلاقك» وهو مجنون - فإنه يقع الطلاق؛ لعدم حصول مشيئته لعدم الطلاق، فيتأمل. بخلاف السكران فكالمميز فيصح بمشيئته.
  وذلك كأن يقول: أنت طالق إلا أن يشاء زيد أو أبوك أو غيرهما، فإن شاء عدم طلاقها لم تطلق، وإن لم يشاء طلقت، فإن لم يحصل أحد الأمرين لعلها تطلق؛ إذ المستثنى حالة مشيئته لعدم الطلاق، ولم تحصل.
  وتعرف مشيئة غير الله تعالى بإقراره في (المجلس)(٢) قبل الإعراض كما في مشيئة الله سبحانه وتعالى، فإن شاء فيه أوْ لا يشاء طلقت، وإلا تحصل مشيئة في المجلس لم تطلق، أو طلقت في العكس. هذا إن كان من علق الطلاق بمشيئته في المجلس، فإن كان غائباً ففي مجلس بلوغ الخبر. وإنما اعتبر المجلس في المشيئة لأنه تمليك، والتمليكُ مقصور على المجلس، [إلا أنه](٣) لا يفتقر إلى قبول، وهذا ما لم يؤقت وإلا اعتبرت المشيئة أو عدمها في ذلك الوقت إلى آخره ولو طال على المجلس. ولو قال من علق
(١) في المخطوطات: لا يشاء. والمثبت كما في هامش شرح الأزهار (٤/ ٥٢٤).
(٢) لفظ الأزهار: فيعتبر المجلس.
(٣) في (ج): ولأنه.