تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان الحلف بالطلاق:

صفحة 433 - الجزء 3

  {اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ}⁣[النساء ٢٣] فجعل قيداً لما يليه من تحريم الربيبة إن كان قد دخل بأمها فقط، لا إن لم يدخل فلا تحرم؛ أخذاً بذلك القيد بالوصف، ولم يكن قيداً للجملة التي قبلها، وهي قوله ø: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ}⁣[النساء ٢٣] فقالوا: تحرم أم الزوجة ولو لم يكن قد دخل [بها]، إن تأملت هذا ظهر لك اختيارهم لعوده إلى الأقرب إليه فقط.

  قلت: وهو الراجح؛ إذ الأصل في الأخذ بالمفهوم ونحوه من سائر القيود هو لئلا يعرى كلام الحكيم من الفائدة، ويكفي لذلك أن يجعل قيداً لما يليه، والأصل عدم كونه قيداً لغيره، فلا دلالة على ذلك. إن قيل: فما الوجه في جعل «رجس» في قوله تعالى: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ}⁣[الأنعام ١٤٥] عائداً إلى جميع المتعاطفات قبله كما هو المختار لكم؟.

  قلت: قد وجد له ما يدل على عوده إلى جميعها، كالحاصر في أوله وآخره وهو «إنما» وجوابها بالفاء، فذلك دليل على أن جميع ما بعدها من المتعاطفات محكوم عليه بجوابها، وهو قوله تعالى: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ}. ويتأمل في آيات النساء، وهي: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا}⁣[النساء ٩٢] وقيد رقبة⁣(⁣١) الكفارة بالإيمان، والثالثة كذلك دون الثانية مع اختيار اشتراط الإيمان فيها يتأمل ما وجه ذلك؟ لعله بدليل خاص فيها، أو يقال وهو الأولى: اعتبر ذلك فيها بالقياس على أن الرقبة التي قبلها والتي بعدها بجامع قتل النفس بغير حق فيما لا يوجب القصاص فيعتبر في كفارتها الإيمان في الرقبة المعتقة كتينك فتأمل.

  وهذا بحث عجيب استطردته هنا وإن كان هذا غير موضعه استطراداً لأصل المسألة لتعلقها به، ولإفادته فيها وفي غيرها من سائر الصور المشابهة لها، والله الهادي، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

  مَسْألَة: وإذا قال: «أنت طالق ثلاثاً إلا اثنتين وواحدة» فالاستثناء هنا مستغرق؛ إذ المعطوف في حكم المعطوف عليه، فتقع طلقه بدعية؛ إذ معها اثنتان ولو صح


(١) في (ج): «فيه».