تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في الطلاق الذي يوليه الزوج غيره:

صفحة 439 - الجزء 3

  لفظهما جميعاً، كأن يقول: اختاري، وتقول: اخترت، أو يذكر في لفظ المرأة فقط، كأن تقول: «اخترت نفسي» بعد قول الزوج: «اختاري» - ففيهما لا يقع شيء، إلا إن تصادقا في الأولى أنهما أرادا كلاهما «نفسها» وقع، وفي الأخرى بشرط أن يتصادقا⁣(⁣١) أنه أراد نفسها، وإلا لم يقع.

  نعم، ففي لفظ كناية التمليك لا بد أن يريد بذلك تمليك الطلاق، فإن لم يرد التمليك كان توكيلاً إن أراده، وإلا يرد التمليك ولا التوكيل فلا شيء، ويدين في ذلك ظاهراً وباطناً، فيقبل قوله: «إنه أراد ذلك أو إنه لم يرده، ولو كان ذلك جواباً لطلب الطلاق أو في حال المشاقة وإن كان أحدهما قرينة على إرادة تمليك الطلاق، إلا أنه يدين ظاهراً وباطناً ولو مع هذه القرينة؛ إذ الشرط في الكناية الإرادة، وهي لا تعرف إلا من جهته، فتأمل.

  فَرْعٌ: واختاري أهلك أو أباك أو أمك أو بيتك⁣(⁣٢) كقوله: نفسك، لا اختاري أخاك أو أختك فلا يقع ذلك وإن قالت: اخترت؛ لما للأبوين من الاختصاص ما ليس لغيرهما، فكان اختيارهما اختياراً لنفسها حيث تقول بعد ذلك: اخترت أهلي أو بيتنا أو أبي أو أمي، لا اخترت أخي أو غيره من سائر القرابة ولو بعد قوله: اختاري أخاك أو نحوه.

  نعم، وإذا قد ملكها أو غيرها الطلاق بصريح التمليك أو بكنايته مريداً لذلك مقراً بإرادته (فيقع) طلقة (واحدة) بصفتها من كونها رجعية، أو بائنة إن كانت ثالثة أو قبل الدخول لا غير ولو في الاختيار لنفسها⁣(⁣٣). ووقوع تلك الطلقة وذلك (بالطلاق) من المملَّك، فتقول حيث هي المملَّكة: طلقت نفسي، وغيرُها طلقتها، أو بنتي أو زينب أو نحوها (أو الاختيار) منها وقد قال: اختاريني أو نفسك أو أهلك


(١) في البيان (٢/ ٤٠٣) وهامش شرح الأزهار (٤/ ٥٣٢): يصادقها.

(٢) في المخطوطات: بنتك.

(٣) إشارة إلى خلاف زيد بن علي والباقر والصادق؛ لأنهم قالوا: إنها إذا اختارت نفسها وقعت طلقة بائن. انظر شرح الأزهار (٤/ ٥٣٣).