تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الخلع)

صفحة 462 - الجزء 3

  الإخبار]⁣(⁣١) بالطلاق والعتاق - بخلاف سائر العقود كالبيع ونحوه فإنه لا يصح القبول في مجلس آخر غير مجلس الإيجاب. والفرق: أن الطلاق والعتاق يصحان بغير عقد وبلا عوض فاغتفر في عقدهما ما لا يغتفر في سائر العقود. هذا إذا كان البيع ونحوه بغير رسالة أو كتابة، وإلا فلا فرق بين الطلاق وغيره، ويقع القبول في مجلس المرسل إليه كما في النكاح.

  فإن لم يحصل قبول ولا في حكمه في ذلك المجلس لم يقع الطلاق خلعاً ولا رجعياً. فإذا قبل لمن يعتبر قبوله غيره صح بالوكالة أو فضولياً وأجاز من إليه القبول. والذي في حكم القبول: هو الامتثال أو تقدم السؤال. وصورة الامتثال: أن يقول الزوج: «أنت طالق على برائي» أو «على أني برئ من مهرك» فتقول: أبرأت، فقولها [أبرأت]⁣(⁣٢) بمنزلة قولها: «قبلت»، فتطلق بالبراء بعد قوله ثانياً⁣(⁣٣)، وكذا «على أن تبرئيني من مهرك» ولو أتى فيه بـ «أن»، وقد قيل: إنها للاستقبال كما هو الأصح لغة، فلا بد من القبول من الزوج بعد قولها: أبرأت؛ لعدم صحة لفظ الزوج الأول، والأول هو الأصح وإن كانت للاستقبال؛ إذ المعتبر في العقود هو المتعارف به، وإذا كان مستو اللفظين عند الزوج وقع بكل منهما الإيجاب، وتطلق بقولها: أبرأت، ولا يحتاج إلى قبول؛ لعدم تفرقته بين اللفظين في الإيجاب؛ ولذا قلنا فيما مر: إنه ينعقد بلفظ البيع ونحوه، فتأمل.

  وكذا لو قالت: «قبلت» بعد قوله: «على أن تبرئيني» فإنه يقع الخلع والبراء، فلا يقال: يقع الخلع فقط وتجبر على البراء حيث لم تكن قد أبرأت بل قبلت فقط؛ لأنه قد صار بالقبول في ذمتها فتساقطا، والله أعلم.

  وتقدم السؤال: أن تقول له المرأة: «طلقني على ألف» فيطلق بذلك، ولا تحتاج إلى قبول بعد قوله؛ لتقدم السؤال، فتأمل، وكذا لو قالت: «إن طلقتني فأنت برئ»


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).

(٢) ما بين المعقوفين من شرح الأزهار (٤/ ٥٥٨).

(٣) لعلها: بائناً.