(باب التيمم)
  كان لا يؤكل آثره وجاز التيمم، وإن كان يؤكل وخشي عليه لو استعمل الماء تلفاً أو ضرراً، فإن كان يجحف به - ولعله ولو لم يؤد ذبحه إلا إلى ضرره فقط - جاز التيمم وإيثار الحيوان ولا يذبحه، وإن كان يجوز أكله وهو لا يجحف به ذبحه وتوضأ بالماء، ولا يتركه يتألم بالعطش ولو لم يكن محتاجاً إلى ذبحه ولا له إرب(١) في ذلك. لا يقال: ذبح الحيوان لغير الأكل منهي عنه؛ إذ نقول: قد جاز ذبحه للأكل، فبالأولى للواجب(٢)، وهو التوضؤ بالماء، والنهي الوارد في ذبح الحيوان لغير أكله محمولٌ على ذبحه عبثاً، أو على طريق المفاخرة كالجاهلية، فتأمل، والله أعلم.
  السابع قوله ¦: (أو) خشي (فوت صلاة) لو توضأ، وكانت تلك الصلاة التي خشي فوتها (لا تقضى) كصلاة الجنازة والاستسقاء والكسوف، ونحو ذلك خشية فوت الوقوف بعرفة كما مر أنه إذا خشي فوته بالوضوء جاز له التيمم؛ فإذا خشي لو توضأ لصلاة الجنازة أن تدفن الجنازة بلا صلاة قبل فراغه من الوضوء، أو بأن يصلي عليها مَن لا يعتد بصلاته، وهو لا يمكن إعادتها، بأن تحمل عقيب ذلك ثم تدفن؛ إذ لا تصح على القبر عندنا - فإنه يجوز له لذلك أن يتيمم لها - بعد غسلِ الجنازة أو تيممِها لعدم الماء، لا قبل ذلك فلا يصح؛ لأنه قبل وقت الصلاة - ولو كان موجودًا. وكذا يجزئه التيمم لها لو خاف فوت صلاة الجنازة عليه ومراده إدراك الصلاة عليها سواء أقيمت جماعة أو فرادى، فيجزئه التيمم لتلك الخشية. وكذا تجزئه الصلاة عليها بلا تيمم إدراكاً للصلاة عليها لو خشي أنه لو تيمم فاتت، فتجزئه الصلاة على حالته، وهذا مع وجود آخر يصلي عليها متطهراً كما هو فرض المسألة أنه قد قام غيره للصلاة على الجنازة ومراده إدراكها وخشي لو توضأ أو تيمم فوتها فإنه يصلي على حالته. وكذا لو خشي أن تدفن من دون صلاة عليها رأساً صلى على حالته أيضاً، وقد رأينا كثيراً من مشايخنا - أبقاهم الله تعالى - في المدرسة المباركة في (مدينة
(١) الإربة: الحاجة.
(٢) وما ذكره مذكور في حاشية الشرح بلفظه. (ح).