تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الظهار)

صفحة 575 - الجزء 3

  مشاحة. وقولنا: «أو ما في حكمها» وهو انقضاء الوقت في الظهار المؤقت كما يأتي قريباً.

  وأصله من الكتاب العزيز قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ} الآية [المجادلة ٣]. ومن السنة ما روي عنه ÷ أن أوس بن الصامت ظاهر من زوجته خولة بنت ثعلبة، فلما نزلت الآية الكريمة دعاه النبي ÷ فقال له: «أعتق رقبة» ... إلخ القصة. روي أنها المجادلة التي نزلت⁣(⁣١) بسببها: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}⁣[المجادلة ١] وذلك أن زوجها نظر إليها [وهي تصلي] فأعجبته فأمرها أن تنصرف إليه، فرفضت وتمت صلاتها، فغضب وكان به خفة ولمم، فقال لها: أنت عليَّ كظهر أمي، وكان طلاق الجاهلية، فندما، وأتت رسول الله ÷ فذكرت له [ذلك] وقالت: انظر [له] هل من توبة؟ فقال ÷: «ما أرى له من توبة في مراجعتك»، فقالت: يا رسول الله، ما ذكر طلاقاً، وروي أنها قالت: إن لي صبية صغاراً إن ضممتهم إليَّ جاعوا، وإن ضممتهم إليه ضاعوا. فقال ÷: «ما عندي من أمرك شيء»، فرفعت يدها إلى السماء وقالت: «اللهم إن أوساً طلقني حين كبر سني وضعف بدني ودق عظمي وذهبت حاجة الرجال مني»، فرحمها الله تعالى وأنزل الآية، فقال لها النبي ÷: «يحرر رقبة» فقالت: لا يجد. فقال: «يصوم شهرين متتابعين» فقالت: يا رسول الله، إنه شيخ كبير ما به من صيام، فقال ÷: «فأطعمي ستين مسكيناً» فقالت: ما عنده ما يتصدق به، فقال ÷: «أنا أعينه بعرق من تمر» فقالت: يا رسول الله، وأنا أعينه بعرق آخر. فقال: «أحسنت⁣(⁣٢)، اذهبي فأطعمي عنه ستين مسكيناً وارجعي إلى ابن عمك»، والله أعلم.

  والإجماع فلا خلاف في حكمه جملة.

  وهو محظور فلا يصح التوكيل به؛ لقوله تعالى: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا}⁣[المجادلة ٢] وهو طلاق الجاهلية، فنقله الشرع إلى تحريم مخصوص.


(١) في (ج): «نزل».

(٢) في المخطوطات: ها أم. والتصويب من شرح التجريد وأصول الأحكام والشفاء.