تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الظهار)

صفحة 578 - الجزء 3

  ويعتبر أيضاً أن يكون ذلك بأمه (نسباً) لا رضاعاً فلا يكون ظهاراً. وإنما خصت الأم لأن تحريمها أغلظ، ولأنها لم تحل في شريعة قط، ولم تستعمل العرب الظهار في غير الأم، ولذا قلنا: لا يكون ظهاراً إلا إذا شبهها بجزء من أمه لا غيرها، ولمفهوم الآية الكريمة إلا في⁣(⁣١) ذلك فقط. وكذا لو شبهها أيضاً بجزء من أمه (مشاعٍ) نحو: أنت علي كنصف أمي أو كربعها، أو نحو ذلك، أو جزء منها بجزء كنصفك علي كنصف أمي أو نحو ذلك (أو عضو) من أمه أيضاً كيد أو فخذ أو رجل أمي أو نحو ذلك، أو عضو منها بعضو من أمه، كيدك علي كيد أمي، أو فخذك كفخذ أمي، أو بطنك علي كبطن أمي، أو نحو ذلك، ولا بد أن يكون المشبه والمشبه به من أمه ومن الزوجة (متصل) بما هو منه إما من الزوجة أو من الأم كما مر لو قال: أنت علي كفخذ أمي، أو فخذك علي كفخذ أمي، لا لو كان غير متصل كاليد المبانة والرجل ونحوها لو قال: كيد أمي المبانة وقد أبينت، أو يدك المبانة علي كيد أمي وقد أبينت يد زوجته. وكذا لا ينعقد لو شبهها بالدم من أمه والريق والدموع والعرق والروح ونحوها فلا ينعقد أيضاً لو قال: كدم أمي أو نحو ذلك، وعلى الجملة فما يصح إيقاع الطلاق عليه من أجزائها صح إيقاع الظهار عليه وتشبيهها بمثل ذلك العضو من الأم، وما لا فلا (ولو) كان المشبه أو المشبه به من الزوجة أو الأم أو كليهما (شعراً أو نحوه) مما لا تحله الحياة كالظفر والسن ونحوهما فإنه ينعقد الظهار بالتشبيه بذلك أو التشبيه لذلك، ويعتبر أن يكون من كليهما متصلاً بما شبه به أو منه كبالأم أو الزوجة، لا بعد انفصاله فإنه لا ينعقد به التحريم كالطلاق، والله أعلم.

  نعم، ومتى ظاهر على كيفية ما مر (فيقع) الظهار ويثبت حكمه الذي سيأتي سواء نوى به التحريم الذي يرتفع بالكفارة أو لا نية له رأساً، فهاتان صورتان يقع الظهار بأحدهما (ما لم ينو غيره أو) ينو (مطلق التحريم) لم يقع شيئاً، فيخرج بذلك خمس صور فلا يكون فيها مظاهراً، وبهذا يعرف أن له في الصريح من لفظ الظهار


(١) في هامش (ب): يتأمل. ولفظ البحر كما في هامش شرح الأزهار (٤/ ٦٧٩): لمفهوم الآية؛ إذ لم تنه إلا عن التشبيه بها.