تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الظهار)

صفحة 586 - الجزء 3

  وقولنا: «الوطء الجائز» هو الوطء بعد التكفير، فيعزم على ذلك ويكون به عائداً، لا⁣(⁣١) إن عزم على وطئها قبل أن يكفر فلا يكون بذلك عائداً ولا تجزئه الكفارة بعده، وإذا وقع ذلك قبل انقضاء الوقت لم تلزمه الكفارة به، وإذا خرج الوقت ارتفع الظهار، وذلك العزم غير موجب للكفارة، فافهم.

  وقد جعل أهل المذهب العزم على الفعل هنا - أعني: في الظهار - موجباً للكفارة، ومن قواعدهم أن العزم على الحنث فيما هو فعل ليس بحنث، فهذا خاص هنا فقط؛ للدليل وهو قوله تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا}⁣[المجادلة ٣] وتمام الآية الكريمة من: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} فاقتضى أن العود غير المساس، وما هو إلا العزم على الوطء، فجعل تبارك وتعالى على العزم موجب الكفارة؛ إذ رتب على ذلك قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} جواباً لقوله تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ}، فكان ذلك كافياً في إيجاب الكفارة كما عرفت، فتأمل.

  مَسْألَة: (و) الظهار (لا يهدمه) ويصير كأنه لم يقع⁣(⁣٢) (إلا الكفارة) التي سيأتي بيانها قريباً إن شاء الله تعالى أو انقضاء وقت المؤقت، فينهدم، وأما لو طلقها ثم راجعها⁣(⁣٣) ولو بعد أن انقضت العدة وعقد بها وطلقها ثلاثاً وتزوجت ثم تزوجها بعد الزوج الثاني فحكم الظهار باقٍ لم ينهدم بالزوج الآخر، والمراد تلزمه الكفارة، ولها أن ترافعه أيضاً، ولا يتوهم [أنها] إنما تلزم الكفارة فقط وقد سقط حكم المرافعة بالزوج فلا تكرر. وكذا لو اشترى زوجته ثم باعها ثم تزوجها فإنه لا يسقط حكمه بالملك، وترافعه؛ إذ قد خرجت عن ملكه. وكذا لو اشتراها فقط فلا يطأها بالملك حتى يكفر، وأما أنها تطالبه فلا؛ لأنها ليست بزوجة. وكذا أيضاً لو ارتد الزوج أو كلاهما ثم أسلم ثم تزوجها بعد الإسلام لم ينهدم بالإسلام حكم الظهار؛ وذلك لأنه مشوب بحق آدمي، ولها أن ترافعه أيضاً. وأما شرط الظهار فينهدم أيضاً بالكفارة


(١) في المخطوطات: إلا.

(٢) في (ج): «يكن».

(٣) في المخطوطات: رافعها.