(باب النفقات)
  بغير أمره فهم داخلون في غير المحترم؛ إذ لا يجب حفظهم. ويجب سد رمق من عدا هؤلاء ممن هو محترم - على المسلم من زكاة ونحوها حيث هو يستحقها وكان يجوز الصرف إليه إما لعدم إمام يؤاذنه(١) أو نحو ذلك وكان من غير القرابة ونحوهم الذين لا يصح الصرف إليهم، ولا يقال: إنه يصير منتفعاً بزكاته لأنه يجب عليه إنفاقه؛ إذ لا يجب عليه إنفاقه إلا عند تعذر الإنفاق من بيت المال أو من الحقوق، فإن تعذر ذلك كان القيام بحاجته على الجماعة فرض كفاية، وعلى الواحد فرض عين. وإذا لم يكن عليه زكاة فمن ماله، وهذا ما(٢) لم يضطر هو إلى ما معه ويخشى على نفسه في تلك الحال إذا أنفق ما عنده أو(٣) حيث هو في مفازة؛ لأن المقطوع به كالحاصل، وأما إذا كان يخشى في المستقبل أن لا يجد ما يسد رمق نفسه فإن الواجب لا يسقط عنه بهذه الخشية، بل يجب سد الرمق للمحترم ويكل المستقبل على الله تعالى. فإن لم يسد رمق المضطر وقد وجب عليه حتى هلك ذلك المضطر لم يضمنه ولا يكون قاتلاً له؛ إذ هو تارك لواجب(٤) فقط، فهو يخالف المرضعة فهي إن لم ترضعه اللبأ كالآخذة مال الغير حتى مات، ويخالف من حبس غيره حتى مات جوعاً أو برداً فهو القاتل له بنفس ذلك الحبس كما سيأتي في موضعه، مع أنه متعدٍ بذلك الفعل.
  فَرْعٌ: وكما يجب سد رمق الآدمي المضطر كذلك غيره من سائر الحيوانات التي لا تؤكل ولا يجوز قتلها، وسواء كانت له أو لغيره، وأما إذا كانت مما يؤكل فإنه لا يجب سد رمقه، بل يجب تذكيته إذا خشي عليه، لا تركه حتى يموت جوعاً أو عطشاً أو نحوهما، فإن كان له فذلك ظاهر، وإن كان لغيره: فإن كان في يده أمانة أو ضمانة وجب سد رمقه وإيثاره مما معه ولو كان يؤكل؛ إذ لا يجب الدخول فيما عاقبته التضمين، وكذا إذا لم يكن في يده كذلك ولم يكن مالكه حاضراً؛ لخشية التضمين إن
(١) لفظ هامش البيان (٢/ ٦٤٧): إما لعدم إمام أو إذن أو نحو ذلك.
(٢) في (ج): «إذا».
(٣) في (ج): «و».
(٤) في (ج): «واجب».