(فصل): في الفرق بين أحكام المبيع والثمن:
  كل حال وإن قابل بعضها بعضاً، وأما ذوات الأمثال فإما أن تكون معينة أوْ لا، إن كانت معينة فهي مبيعة، وذلك في ثلاث صور: أن يقابلها مثلي، أو قيمي، أو نقد.
  وإن لم تكن معينة فإما أن تكون ديناً في الماضي أو في المستقبل، [إن كانت ديناً في الماضي فهي مبيعة في صورة واحدة، وهي أن يقابلها نقد، وثمن في صورتين، وهما: أن يقابلها مثلي، أو قيمي.
  وإن كانت ديناً في المستقبل](١) فهكذا تكون ثمناً إن قابلها مثلي أو قيمي. ومبيعاً إن قابلها نقد، ويتأمل في هذا الحاصل.
  مَسْألَة: ولا تثبت ذوات القيم في الذمة بنفس البيع أو الشراء أو الإجارة أو الهبة، وكذا في الصدقة، والمراد لو باع شيئاً من ذوات القيم أو أجره أو وهبه أو تصدق به ولم يكن مالكاً له في الحال - فإنه لا يثبت ذلك في الذمة؛ لعدم الصحة. وتثبت في الذمة في المهر، وعوض الخلع، والزكاة، والهدي، والكفارة، والفدية، والجزاء، والسلم، والكتابة، والنذر، والوصية، والدية، والإقرار، فيحمل على أي هذه الأشياء؛ لأن الإقرار نفسه لا يثبت به شيء في الذمة، وإنما يكون مستنداً إلى أمر يوجب ذلك المال المقر به. ومما يثبت في الذمة من القيمي ما كان منه نفقة للزوجة إذا وجب لها طعام مصنوع(٢)، وقد عرفت تفصيل ذلك مما مر، ولا فرق في هذه الأشياء بين الحيوانات وغيرها في ذلك - أعني: في صحة ثبوته في الذمة بأحد أمر من هذه الأمور المتقدمة - إلا في السلم فلا يصح في الحيوان كما تعرف ذلك قريباً إن شاء الله تعالى. وقد جمع هذه الأمور قوله:
  مهر وخلع وإقرار وتزكية ... هدي وأضحية كفارة سلم
  وصية ثم نذر مع دياتهم ... كتابة وجزاء لازم ودم
  والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله.
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).
(٢) لفظ هامش البيان (٣/ ١٠): ومما يثبت في الذمة من القيمي نفقة الزوجة؛ إذ الواجب لها طعام مصنوع.