(فصل): في حكم من لم يجد من الماء ما يكفيه لما يجب عليه استعماله له ومن يضره استعمال الماء
  (ثم) إذا كفاه وبقيت بقية، أو لم يكن ثَمَّ نجاسة في بدنه، أو ثمة وكانت في موضعين لا يطهرهما الماء - قدّم تطهير (ثوبه) على طهارة الحدثين، وهما الوضوء ورفع الجنابة؛ إذ لهما بدل، وهو التطهير بالتراب. ووجه تقديم غسل نجاسة البدن على الثوب أن طهارة الثوب لها بدل، وهو الصلاة عرياناً، بخلاف طهارة البدن، فيجب عليه تقديم نجاسة بدنه مطلقاً سواء كان في الخلاء أو في الملأ؛ إذ البدن أخص من الثوب، وهو يجب تقديم الأخص؛ لظاهر: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ٥}[المدثر] ففي أحد التفاسير أنها النجاسة. وإنما يقدم من نجاسة الثوب بالتطهير لها بالماء القدر الذي يكفيه للصلاة، لا ما زاد عليه، فإن كان كثيراً(١) قطعه ما لم يجحف بحاله. وحدّ الإجحاف في الثوب الطاهر: أن يبقى من الثوب ما لا يستر عورته أو لا يدفع الضرر عنه.
  (ثم) إذا لم يكن في ثوبه نجاسة أو كانت وقد طهرها، ولعله أو كان الماء لا يكفيها - قدّم غسل مكانه على الحدثين؛ إذ هو تابع للثوب في الأخصية، ولا بدل لها أيضاً. ثم بعد المكان يقدّم في الغسل (الحدث الأكبر) وهو الحيض والجنابة، فيقدم الغسل لهما على الوضوء؛ لأن رفع الحدث الأكبر شرط في رفع الحدث الأصغر، فيستعمل ذلك الماء لرفع الحدث الأكبر (أينما بلغ) من بدنه، ويكون استعماله في سائر أعضاء البدن مرة مرة ولا يثلّث. ولو لم يكف لجميع البدن فلا يعدل به إلى الوضوء، والوجه أن العجز عن البعض لا يوجب سقوط ما قدر عليه، كستر بعض العورة. إن قيل: في الكفارة العجز عن البعض المبدل يسوغ الانتقال إلى بدله، قلنا: فرق بين هذه المسألة وبين سائر الأبدال؛ لأن الطهارة تتبعض، ألا ترى أن مَنْ غسل البدن أو بعضه أو أعضاء الوضوء أو بعضها ارتفع حدثه(٢) غير المغسول(٣)، بخلاف من أعتق نصف عبده في الظهار، ومن أهدى نصف شاة فإن ذلك ونحوه لا يتبعض.
(١) لماذا يشترط الكثرة؟ ولفظ هامش الشرح على قوله: «ثم ثوبه»: الذي يستر± عورته، ويقطع الباقي ما لم يجحف. (é).
(٢) في (ج): «حدث».
(٣) (غير المغسول) غير موجودة في الحاشية في هامش شرح الأزهار.