تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان من تجوز معاملته، وذكر صور من المبيعات يجوز بيعها

صفحة 51 - الجزء 4

  بيعه للمعصية فإنه محرم ولا يصح⁣(⁣١). وإنما صح العقد على العين إلى من يستعملها في معصية لأنه يمكن المشتري الانتفاع بها لغير المعصية، بخلاف استئجار ما منفعته محظورة فإنه لا يصح؛ لأن العقد وقع على المنفعة نفسها، وهي محظورة، فلم يصح.

  قال ¦: (غالباً) يحترز بذلك من بيع السلاح والكراع - وهو اسم للخيل والإبل والعبيد - وذلك إلى من يستعمله في حرب⁣(⁣٢) المسلمين من كافر أو باغٍ أو نحوهما كالأكراد فإن ذلك لا يجوز، وكذا لو باع شيئاً من هذه من رجل وهو يعلم أنه يضر المسلمين بذلك فإنه لا يجوز أيضاً؛ إذ يكون البائع متعدياً في سبب السبب، وهو كالتعدي في السبب؛ ويلحق بذلك الدقيق والسمن والزبيب ونحوها مما فيه نفع لمن يبيعه إليه وتقوية على مضرة المسلمين، بل هو أضر، وكالبارود والرصاص ونحوهما.

  وحاصله: ما فيه مضرة على المسلمين وتقوية لذلك الكافر أو الباغي فإنه لا يجوز بيعه إليه من آلة الحرب أو من غيرها، وسواء قصد البائع بالبيع يضر المسلمين أو لم يقصد إلا نفع نفسه، إلا أن يبيعه بأجود منه من آلة الحرب لا من غيرها فذلك جائز، أو كان لا مضرة على المسلمين في بيع ذلك إليهم فهو جائز.

  وحاصله: أن معاملة الكفار بيعاً وشراءً جائزة في كل شيء، إلا فيما يتقوون به من آلة الحرب وغيرها على المسلمين في ذلك، إما شراء منهم، أو بيعاً بأفضل منه من جنس آلة الحرب جائز، وكذا حيث لا مضرة على المسلمين في بيع ذلك منهم ولو من آلة الحرب ولو كان عوضه من غير جنسه، وإن كان فيه مضرة وبيع بغير جنسه أو ليس هو أفضل بل أدون - يعني: ما صار إلى المعاوض لهم - فذلك لا يجوز بكل حال سواء قصد بذلك إضرار المسلمين أو نفع نفسه فقط. وحيث لا يجوز البيع إليهم ينعقد مع الإثم، كبيع العبد المسلم من الكافر فإنه يصح ويجبر على بيعه، بخلاف الأمة فإنه لا يصح بحال ولو بيعت إلى امرأة، فتأمل.


(١) وفي هامش شرح الأزهار (٥/ ٦٤): فإن فعل صح. (é).

(٢) في (ج): «ضرر».