(فصل): في بيان ما لا يصح بيعه في بعض الأحوال لعارض منع من ذلك مع صحة تملكه وذكر مسائل الاستثناء في المبيع، وأحكام تتبع ذلك:
  فيصح البيع ويلغو الاستثناء. وأما إذا استثنى سكنى الدار أو خدمة العبد فلا بد أن يذكر أيضاً مدة معلومة؛ إذ هي منفعة يصح العوض عليها فهي كاستثناء زراعة الأرض. وكذا استثناء الشجرة وبقائها في قرارها مدتها، حيث استثناها بحقوقها، فهذا مطلق مقيد بما سيأتي في قوله: «وما استثني أو بيع مع حقه [بقي وعوض] إلخ»، وسيظهر لك قريباً إن شاء الله تعالى.
  فَرْعٌ: على المسألة الأولى: (و) هو أن (نفقة) الحيوان المبتاع (مستثنى اللبن) في بيعه يكون (على مشتريه) يعني: على مشتري ذلك الحيوان، فإذا باع البقرة واستثنى لبنها مدة معلومة كانت نفقتها على المشتري لها؛ إذ هي ملكه، لا ما تحتاج إليه عند الحلب فعلى المستثني؛ إذ هو من تمام استثناء منفعته حاله؛ وكذا مستثنى الثمر في بيع الشجر، ومستثنى الشجر التي في الأرض المبتاعة فمؤنة ما تحتاج إليه الأرض من الإصلاح يكون أيضاً على المشتري، من ماء وحرث وغيرهما؛ إذ هي ملكه، فيجب عليه إصلاح ملكه لينتفع مالك الثمر أو الشجر بها. هذا فيما يرجع إلى الأرض، وأما سقي الأشجار فعلى مالكها لا على مالك الأرض إن كان المستثنى الشجر، فإن(١) كان الثمر فمؤنة إصلاح الشجر على مالكها، وهو المشتري، وما تحتاج إليه الثمر على البائع من تأبير النخل ونحوه. وعلى هذا يكون القياس في الأرض إذا استثنى زراعتها مدة معلومة، فمؤنة إصلاح الأرض على المشتري؛ إذ هي ملكه فيما يرجع إلى عمارتها، والمؤنة التي تحتاج في الحرث، من سقي الأرض وغيرها على البائع، فتأمل، والله أعلم.
  وكذا مستثنى الحمل من الأمة أو البقرة فإن نفقتها على المشتري أيضاً؛ وأما مستثنى المنافع فإن النفقة تجب فيه على البائع، كما في الموصى بخدمته، وفرق بينهما بأن مستثنى اللبن والأشجار والثمر والحمل لم يستغرق جميع المنفعة، بخلاف استثناء المنافع فقد استغرقها مدة الاستثناء فيجب عليه القيام بنفقتها مدة منفعته.
  ولو صارت الأرض المستثنى أشجارها مدة بقائها لا ينتفع بها، بل قد منع
(١) في (ب): «وإن».