تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان ما لا يصح بيعه في بعض الأحوال لعارض منع من ذلك مع صحة تملكه وذكر مسائل الاستثناء في المبيع، وأحكام تتبع ذلك:

صفحة 98 - الجزء 4

  بيع ماله ومال غيره ولم يجز الغير فإنه يصح بيع ماله بحصته من الثمن ولو كانت مجهولة؛ لأن الجهالة فيها طارئة بعد العقد بعدم الإجازة، فالمفسد طارئ.

  فَرْعٌ: ومن باع أرضاً فيها قبر أو مسجد أو وقف أو طريق مسبلة - فإن استثنى ذلك صح البيع، ويكون للمشتري الخيار حيث لم يعرف موضعه، فإن عرف موضعه بعد أن اطلع عليه [لم يخير، وإنما قلنا: «بعد أن اطلع عليه»]⁣(⁣١)؛ لأن الأغراض تختلف لاختلاف موضعه، وقد يكون كبيراً أو صغيراً، والمراد بالقبر حيث هو لغير حربي، لا له فلا يكون عيباً، ويصح البيع ويتملك المشتري موضع ذلك القبر؛ فإن التبس هل هو لحربي أو لذمي صح البيع إن كانت الخطة للمشركين، وإن لم تكن للمشركين فسد؛ تغليباً للدار.

  وإن لم يستثنه فإن كان ظاهراً للأعيان فظهوره كاستثنائه، فيصح العقد ويتناول الخالي عن القبر ونحوه، وإنما يكون الظهور كالاستثناء فيما كان استهلاكاً كهذه الصورة، لا في غيرها، كما لو باع جداراً فيه أخشاب فهي تدخل تبعاً ولا يكون ظهورها كاستثنائها، فافهم. وإن كان خفياً وهو يعرف موضعه لم يصح البيع؛ لأنه انطوى على ما يصح بيعه وما لا يصح، ولا يكون علم المشتري⁣(⁣٢) كالاستثناء؛ لأن الاستثناء قد أخرجه [عن البيع]، بخلاف العلم.

  وإن كان القبر ملتبساً في الأرض كلها فإن كان بفعل فاعل خلط الأرض ملك ذلك ولزمته القيمة - يعني: قيمة القبر أو نحوه⁣(⁣٣) - للمصالح، وإن لم يكن بفعل فاعل صارت الأرض كلها لبيت المال إن التبس في الأرض كلها، وإن التبس في جانب منها صار ذلك الجانب لبيت المال، والمراد أنها تكون لبيت المال للقبر فيها، لا للزرع، فتأمل، والله أعلم.


(١) ساقط من (ج).

(٢) في هامش البيان (٣/ ٥٣) ما لفظه: هلا قيل: يكون علم البائع به كاستثنائه ... إلخ.

(٣) في (ب): «نحوها».